Skip to main content

الأصحاح الثالث عشر

المَسِيح الكَذَّاب والنبي الكَذَّاب

(١) "ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ اسْمُ تَجْدِيفٍ." 

تبدو قراءتنا وكأنها صعبة جدًا، ولكنها بالواقع سهلة جدًا. الوحش الطالع من البحر ليس هو بالحقيقة وحشًا ولكنه رمز لشخصية متوحشة تظهر في وسط بحر الأمم أو بحر ضجيج الأمم: "عَلَى الأرض كَرْبُ أُمَمٍ بحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ" (لوقا ٢١: ٢٥). إن العالم سيكون في ضجيج وضياع وفوضى عارمة وبحاجة إلى منقذ. فيظهر هذا الشخص الذي هو المَسِيح الكَذَّاب بكل خديعة الإثم في الهالكين: "َبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا" (٢ تسالونيكي ٢: ∙١). المَسِيح الكَذَّاب سوف يظهر كشخص مُخلِّص يحل كلّ مشاكل العالم. 

بالحقيقة فإن هذا الأصحاح هو مكَمِّلٌ للأصحاح السابق، في إطلاق قوى الشَّر بأكملها في نهاية الجزء الثاني من السبعة سنين الضِّيقَة العظيمة. في النصف الأَوَّل منها نرى كيف أنّه سوف يظهر المَسِيح الكَذَّاب على مسرح أوروبا كرجل سلام مُزَيَّف، إذ يظهر راكبًا على فرس أبيض: "فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إكليلاً، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رُؤيا ٦: ٢). إنما هذه المَرَّة يَظهَرُ في شخصيته الحقيقية؛ فهو المَسِيح الكَذَّاب دكتاتور العالم وعلى رأس الأَمبَراطُورية الرومانية المُنتَعِشَة التي ستظهر في كيان الاتحاد الأوروبي كما يبرز في رِجلَي تِمثَالٍ الذي رآه نبوخذنصر: "سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ" (دانيال ٢: ٣٣).

هذا الوحشُ الطَّالِعُ من البحر هو المَسِيح الكَذَّاب المُتَرَبِّع على عرش الأمم في "أزمنة الأمم". الرؤوس والقرون والتيجان ترمز إلى مزيج من تَعَاقُبِ القوى الأربَع لأزمنة الأمم، ويجلس على رأسها الآن المَسِيح الكَذَّاب، الذي سوف يكون تجسيدًا لكلّ قوى الشر: "بَعْدَ هذَا كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا بِحَيَوَانٍ رَابعٍ هَائِل وَقَوِيٍّ وَشَدِيدٍ جِدًّا، وَلَهُ أَسْنَانٌ مِنْ حَدِيدٍ كَبِيرَةٌ. أَكَلَ وَسَحَقَ وَدَاسَ الْبَاقِيَ بِرِجْلَيْهِ. وَكَانَ مُخَالِفًا لِكُلِّ الْحَيَوَانَاتِ الَّذِينَ قَبْلَهُ، وَلَهُ عَشَرَةُ قُرُونٍ. ۸كُنْتُ مُتَأَمِّلاً بِالْقُرُونِ، وَإِذَا بِقَرْنٍ آخَرَ صَغِيرٍ طَلَعَ بَيْنَهَا، وَقُلِعَتْ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْقُرُونِ الأولى مِنْ قُدَّامِهِ، وَإِذَا بِعُيُونٍ كَعُيُونِ الإنسان فِي هذَا الْقَرْنِ، وَفَمٍ مُتَكَلِّمٍ بِعَظَائِمَ" (دانيال ٧: ٧-٨).

كل هذه القوى في النهاية، هي قوة أزمنة الأمم التي على رأسها إبليس الذي إختصاصه التجديف على الله؛ فمنذ وجوده وهو يحاول أن يهين الرَّبّ: "أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ" (إشعياء ١٤: ١٤)؛ وهو الذي سوف يُسيِّرُ المَسِيح الكَذَّاب. 

(٢) "وَالْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتُهُ كَانَ شِبْهَ نَمِرٍ، وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ، وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ. وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمًا."

هذا الوحشُ جَالِسٌ على القُوَّةِ الرَّابعة، الأمبراطورية الرومانية المنتعشة من جديد. القوة التي سبقتها كانت مملكة اليونان التي يُشَبِّهُهَا دانيال بالنَّمِر. قبلها كانت مادي وفارس التي يُشَبِّهُهَا دانيالُ بالدُّبّ. قَبلَها كانت القوة الأولى البادِئَة، مملكة نبوخذنصر الكلدانية التي يُشَبِّهُها دانيال بالأسد: "فِي السَّنَةِ الأولى لِبَيْلْشَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، رَأَى دَانِيآلُ حُلْمًا وَرُؤَى رَأْسِهِ عَلَى فِرَاشِهِ. حِينَئِذٍ كَتَبَ الْحُلْمَ وَأَخْبَرَ بِرَأْسِ الْكَلاَمِ. ۲أَجَابَ دَانِيآلُ وَقَالَ: كُنْتُ أَرَى فِي رُؤيايَ لَيْلاً وَإِذَا بِأربَع رِيَاحِ السَّمَاء هَجَمَتْ عَلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ. ۳وَصَعِدَ مِنَ الْبَحْرِ أربَعةُ حَيَوَانَاتٍ عَظِيمَةٍ، هذَا مُخَالِفٌ ذَاكَ. ٤الأَوَّل كَالأَسَدِ وَلَهُ جَنَاحَا نَسْرٍ. وَكُنْتُ أَنْظُرُ حَتَّى انْتَتَفَ جَنَاحَاهُ وَانْتَصَبَ عَنِ الأرض، وَأُوقِفَ عَلَى رِجْلَيْنِ كَإِنْسَانٍ، وَأُعْطِيَ قَلْبَ إِنْسَانٍ. ٥وَإِذَا بِحَيَوَانٍ آخَرَ ثَانٍ شَبِيهٍ بِالدُّبِّ، فَارْتَفَعَ عَلَى جَنْبٍ وَاحِدٍ وَفِي فَمِهِ ثَلاَثُ أَضْلُعٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ، فَقَالُوا لَهُ هكَذَا: قُمْ كُلْ لَحْمًا كَثِيرًا. ٦وَبَعْدَ هذَا كُنْتُ أَرَى وَإِذَا بِآخَرَ مِثْلِ النَّمِرِ وَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ أربَعةُ أَجْنِحَةِ طَائِرٍ. وَكَانَ لِلْحَيَوَانِ أربَعةُ رُؤُوسٍ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا" (دانيال ٧: ١-٦).

هذا التحالفُ الأوروبيُّ هو مَزيجٌ مِن قوى أزمنة الأمم الأربَعة، بحسب الوصف في هذا العدد. كلّ هذه الممالك في النهاية هي، مملكة أزمنة الأمم، مملكة الظلمة، مملكة إبليس. ببساطة فإن العدد الأَوَّل من هذا الأصحاح، يتكلَّمُ عن شخص، أي عن رجل رأس قائد هو المَسِيح الكَذَّاب؛ أما العدد الثاني فيتكلَّمُ عن مَملَكَةٍ وعن قوة هي مملكة المَسِيح الكَذَّاب. 

(٣) "وَرَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْ رُؤُوسِهِ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ، وَجُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِيَ. وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأرض وَرَاءَ الْوَحْشِ"

المَسِيحُ الكَذَّاب، إبن الهلاك، والأثيم، سَيَكُونُ أوَّلاً غير معروف الهوية الحقيقية من قِبَلْ العالم، وسوفَ يَتَعَرَّضُ لِحَادِثٍ أو ضَربَةٍ في رَأسِهِ أو محاولة اغتيال ويقارب الموت؛ ولكنه فجأة يحيا من جديد بقوة شيطانية عظيمة جدًا ويُذهل العالم.

العالم عبر العصور كان رافضًا للرب يسوع والآن الرَّبّ يسوع نفسه يرفضهم ويُسَلِّمُهُم إلى عمل الضلال لعبادة إبليس. الناس سوف يتعجَّبُونَ ويَسجدُون للمسيح الكَذَّاب الذي قد شُفِيَ جُرحُهُ المُمِيت ويَتعَبَّدُونَ لإبليس الذي شفاه.

الأَمبَراطُوريةُ الرومانية المُتَجَدِّدَة، غير واضحة للعالم اليوم، وسوف يتعجب العالم من هذه الدولة عندما تظهر إلى الوجود ثانية بروح روما العظيمة وبقوة ساحقة لكلّ من يقف في وجهها؛ وسيقودُهَا المَسِيحُ الكَذَّابُ إلى الدَّمَارِ والهَلاكِ الأَبَدِيَّين. 

(٤) "وَسَجَدُوا لِلتِّنِّينِ الَّذِي أَعْطَى السُّلْطَانَ لِلْوَحْشِ، وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ قَائِلِينَ: مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ؟" 

العالمُ غيرُ المُؤمِن وغيرُ المَختُونِ القَلبِ للرَّبِّ يسوع والذين: "لَيْسَ لَهُمْ خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ" (رُؤيا ٩: ٤)، سوف يتعجَّبُونَ ويَسجُدُونَ لِلمَسِيحِ الكَذَّاب الذي سوف تَنضَوِي تَحتَهُ أُمَمُ العَالَم. 

(٥) "وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأربَعينَ شَهْرًا." 

المَسِيحُ الكَذَّابُ سوفَ يتكلَّمُ بعظائمِ البُطْلِ كما تنبأ بطرس الرسول: "لأَنَّهُمْ إِذْ يَنْطِقُونَ بِعَظَائِمِ الْبُطْلِ، يَخْدَعُونَ بِشَهَوَاتِ الْجَسَدِ فِي الدَّعَارَةِ، مَنْ هَرَبَ قَلِيلاً مِنَ الَّذِينَ يَسِيرُونَ فِي الضَّلاَلِ، ۱۹وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الْفَسَادِ" (٢ بطرس ٢: ١٨-١٩). في ذلك الوقت من الجدول الزمني يبدأ القسم الثاني من الضيقة والمسمى الضيقة العظيمة. وقتئذٍ سيأخُذُ المسيح الكذاب من إبليس قوةً عَظِيمَةً ويفعَلُ شُرُورًا كثيرةً ليُضِلَّ الناس ويستعبِدَهُم ويَقُودُهُم في طَرِيقِ الهَلاكِ، طَرِيقِ إبليس. 

(٦) "فَفَتَحَ فَمَهُ بِالتَّجْدِيفِ عَلَى اللهِ، لِيُجَدِّفَ عَلَى اسْمِهِ، وَعَلَى مَسْكَنِهِ، وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي السَّمَاء."

منذ فجر التاريخ وإبليسُ يتطاول على اللهِ وعلى عرشه: "يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ ۱۳وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إلى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. ۱٤أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ"(إشعياء ١٤: ١٢-١٤)؛ وهذا ما سيفعلُهُ عَلنًا المَسِيح الكَذَّاب في الضِّيقَة العظيمة. سَوفَ يُجَدِّفُ على اللهِ وعلى عرشِ اللهِ وعلى السَّاكِنِينَ في السَّمَاء، بمن فيهم نحن المؤمنين الذين نكون قد سبق وإنتقلنا إلى المجد في الإختِطَاف. 

وقتئذٍ إبليسُ الشَّيطانُ سوفَ يفعَلُ ما يلي:

    (i) سوف يُجدِّفُ على الله؛

    (ii) سوف يُجدِّفُ على اسم الله؛

   (iii) سوف يُجدِّفُ على هيكل الله؛

   (iv) سوف يُجدِّفُ على المؤمنين الذين قد أصبحوا في السَّمَاء في محضر الله؛

(v) سوف يُحاربُ شعب الرَّبّ يسوع الذين هم المؤمنون الذين لا يزالون على الأرض. هذه الأمورُ سوفَ تَتَبَلوَرُ في الضِّيقَة العظيمة، ولكنها قد بدأتْ تبرُزُ إلى الوُجُودِ في أَيَّامِنا هذه، فطُوبى لِلَّذِي يَبقَى أمِينًا إلى النهاية!

(٧) "وَأُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ." 

الأَبرَارُ الباقون على الأرض من اليهود والأمم، سيقتلهم المَسِيحُ الكَذَّاب واعوانُه. في أَيَّامِنَا هَذِهِ أولادُ النُّورِ وأَولادُ الظُّلمَةِ يَتعَايَشُونَ بَعضُهُم مَعَ بَعضٍ، ولكن في الضِّيقَة العظيمة سوف لا يكونُ أيُّ تَعَايُش؛ وسيكون هُناكَ عداء قوي من قِبل الأشخاص المختومين بختم المَسِيح الكَذَّاب، ضِدّ أُولَئِكَ المختومين بخَتمِ الخَرُوفِ الذي ذُبِح. 

(٨) "فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأرض، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ."

كل إنسان غير مختوم بختم المَسِيح، ليس عنده حصانة أومناعة أو قدرة، فسوف يخضع للمسيح الكَذَّاب وسوف يَهلِكُ مَعَهُ. 

(٩) "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ!"

قال الرب يسوع على جبل الزيتون: "لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا." (متى ۲٤: ۲٤). 

هُنَا يُعِيدُ الرَّبُّ يَسُوعُ التَّنبيهَ الذي وَرَدَ سبعَ مرَّاتٍ في الأصحاحين ۲ و ۳ من سفر الرُّؤيَا هذا. ليسَ كلُّ مَن سوف يَسمَعُ سوف يُصغِي ويَتحذَّر؛ بل إنَّما مَنْ لَهُ خَتمُ الأبِ السَّمَاوِيّ على جَبهَتِهِ.

 (∙١) "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجْمَعُ سَبْيًا، فَإلى السَّبْيِ يَذْهَبُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِالسَّيْفِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ. هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإيمانهُمْ."

كثيرٌ مِن مُؤمِنِي الضِّيقَةِ العَظِيمَةِ سَوفَ يتَشَرَّدُونَ في سَبيٍ عَظِيمٍ ويَتِيهُونَ ومُعظَمُهُم سوف يستشهدون من أجل شهادتهم وأمانتهم:

      (i) لاسم يسوع: "أجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ قَائِلاً لِي: هؤُلاَءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَوْا؟ ۱٤فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَعْلَمُ. فَقَالَ لِي: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَة الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ" (رُؤيا ٧: ١۳-١٤)؛

    (ii) لِلكِتَابِ المُقَدَّس: "وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ" (رُؤيا ١٢: ١١)؛ "وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ سَكْرَى مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ وَمِنْ دَمِ شُهَدَاءِ يَسُوعَ" (رُؤيا ١٧: ٦). 

هذا هو التَّحَدِّي الكبير لِمُؤمِنِي الضِّيقَة العظيمة أن يُحَافِظُوا على شهادتهم المَسِيحية. 

(١١) "ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشًا آخَرَ طَالِعًا مِنَ الأرض، وَكَانَ لَهُ قَرْنَانِ شِبْهُ خَرُوفٍ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ."

هذا الوحشُ هو النبيُّ الكَذَّاب، الذي سوف يَظهَرُ كَخَرُوفٍ، ولكن له قرنانِ يَنطَحُ بِهِما، ولَهُ مَنطِقُ ولسانُ إبليس. إبليسُ يحاولُ تقليدَ السَّمَاء قدر استطاعته. 

(١٢) "وَيَعْمَلُ بِكُلِّ سُلْطَانِ الْوَحْشِ الأَوَّل أَمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأرضَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّل الَّذِي شُفِيَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ."

المَسِيحُ الكَذَّاب وبِمَعُونَةِ النَّبِيّ الكَذَّاب، سَوفَ يُوَحِّدُ كُلَّ طوائفِ وأديان العالم في ديانة واحدة هي عبادة الشيطان نفسه. النبي الكَذَّاب سيُكمِل الحَركَة المَسكُونِيَّة التي إبتدأت في العالم اليوم لتوحيدِ الطَّوائِفِ والدِّيَانَات.

مُعظَمُ النَّاسِ اليوم، الذين يَسعون إلى توحيد الطوائف والأديان، هُم يُمَارِسُون شرًّا عظيمًا في تحضير العالم لأَيَّام الضِّيقَة العظيمة الآتية على العالم قريبًا. فَهُم يُحَاوِلُون تحطيم نقاوة وقدسية عبادة الرب يسوع وحده فقط؛ تحت غطاء التعايش في سلام مُزَيَّف. الرَّبُّ يسوعُ جاءَ ليُلقِيَ سيفًا بين الأَبرَار والأَشرَار: "لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأرض. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. ۳٥فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإنسان ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. ۳٦وَأَعْدَاءُ الإنسان أَهْلُ بَيْتِهِ" (متّى ١٠: ٣٤-٣٦)؛ وهو مرارًا وتكرارًا يُعَلِّمُنا الخُرُوجَ مِنَ العَالَمِ والإنفِرَازِ والتَّقَدُّسِ لَهُ. ولكنَّ النَّاسَ كُلَّهم بإصرارِ قُلُوبِهم يُحَاوِلُون أن يَبقُوا في كنائسهم الطقسية ويحاولون فاشلين أن يُصلِحُوها، مع أنَّ أَمْرَ الرَّبِّ يسوع لهم واضح: "اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ" (٢ كورنثوس ٦: ١٧).

والأخطر من ذلك هو هذين الامرين الذين هما في طور التنفيذ: 

     (i) منذ حوالي ...‚۲ أخبر يوحنا الحبيب أن روح ضد المسيح او روح المسيح الكذاب قد أصبح في العالم. وصفها بأنها روح نكران ناسوت المسيح: “وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ” (۱ يوحنا ٤: ۳). ومن ثم موضوع لاهوت وناسوت المسيح كان محور جدل دام ..٦ سنة ومنه جاء الدين الاسلامي الذي له روحه تنُكر ان يسوع صُلِبَ في الجسد. الدين الاسلامي يمثل استمرارية روح ضِدّ المسيح. لذلك فإن الدين الإسلامي سينتشر أكثر في العالم مع إقتراب ظهور المسيح الكذاب.

    (ii) الحركة المسكونية قد ابتدات تنفتح على الدين الاسلامي؛ والنبي الكذاب بدهائه سوف يدمج كل أديان العالم في نظام ديني كوني واحد. وهذا ما قد إبتدأ يحصل في العالم اليوم.

ستتبلور كلُّ هذه الشرور في الضِّيقَة العظيمة، ولكنها بدأت تبرز في العالم في يومنا هذا لأننا قد أصبحنا في عهد كنيسة لاودكية الفاترة. فنحن على أبواب الإختِطَاف. نرى في هذه الأشياء كُلِّهَا كيفَ أنَّ إبليسَ يُحَاوِلُ تقليدَ الرَّبّ يسوع المَسِيح. الشيطانُ يُحَاوِلُ أن يُقَلِّدَ المَسِيحَ لِكَي يُضِلَّ العَالمَ لكَي لا يَحصُلُوا على الحقّ. يسوع المَسِيح قال عن نفسه: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا ٨: ١٢)؛ "قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إلى الآبِ إِلاَّ بِي" (يوحنا ١٤: ٦).

لكنَّ إبليس يقاوم بِرّ المَسِيح: "لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا" (متّى ٢٤: ٢٤)؛ "وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إلى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ" (٢ كورنثوس ١١: ١٤). نرى هذا التشبُّهَ والتَّقلِيدَ أيضًا في كيف أنَّ يسوعَ هُو حَمَلُ الله، ذُبِحَ من أجل غفران خطايانا ومات وقام! بالتقليد يعكس ذلك المَسِيح الكَذَّاب في ذاته ويظهر في حَالَةِ المَوتِ ولكنه يعود إلى الحياة ويفاجئ العالم بشخصيّته ومملكته. الشيطانُ فاشِلٌ وشِرِّيرٌ ورديءٌ وكذَّابٌ وقاتِلٌ، وهدفه هو تقليد المَسِيح لكي يكذِبَ ويُشَوِّهَ ويُعمِيَ عُيُونًا لكي يُوْدِي بهم إلى جهنَّم النَّار الأَبَديَّة. كذلك نرى أهلَ العالَمِ يَتديَّنُونَ ويُقَلِّدُونَ المؤمنين بأقوالهم، ولكن بدون روح ولا توبة ولا حياة فيهم. نشكر الرَّبّ يسوع الذي حرَّرَنا: "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا" (يوحنا ٨: ٣٦). 

(١٣) "وَيَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، حَتَّى إِنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاء عَلَى الأرض قُدَّامَ النَّاسِ."

هذا النبيُّ الكَذَّاب سوف يُقَلِّد أنبياء الرَّبّ يسوع فيجعل نارًا تنزل على الأرض مثلما فعل الرَّبّ يسوع، وإيليَّا: "فَأَمْطَرَ الرَّبّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبّ مِنَ السَّمَاء" (تكوين ١٩: ٢٤)؛ "اسْتَجِبْنِي يَا رَبُّ اسْتَجِبْنِي، لِيَعْلَمَ هذَا الشَّعْبُ أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبّ الإِلهُ، وَأَنَّكَ أَنْتَ حَوَّلْتَ قُلُوبَهُمْ رُجُوعًا. ۳۸فَسَقَطَتْ نَارُ الرَّبّ وَأَكَلَتِ الْمُحْرَقَةَ وَالْحَطَبَ وَالْحِجَارَةَ وَالتُّرَابَ، وَلَحَسَتِ الْمِيَاهَ الَّتِي فِي الْقَنَاةِ. ۳۹فَلَمَّا رَأَى جَمِيعُ الشَّعْبِ ذلِكَ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَقَالُوا: الرَّبّ هُوَ اللهُ! الرَّبّ هُوَ اللهُ!" (١ ملوك ١٨: ٣٧-٣٩). لِذا لا يتعجَّبُ بُولُس إذ يقول "ولا عَجَب". 

(١٤) "وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأرض بِالآيَاتِ الَّتِي أُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَهَا أَمَامَ الْوَحْشِ، قَائِلاً لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأرض أَنْ يَصْنَعُوا صُورَةً لِلْوَحْشِ الَّذِي كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ."

يبدو من هذا العدد أنَّ المَسِيح الكَذَّاب سيتعرض لمحاولة إغتيال خطيرة جدًا، ولكنه سينجو منها ويحيا وحينئذٍ يُظْهِرْ كلّ قوته الشيطانيّة مثلما تأملنا في العددين ۳ و ۱۲ أعلاه.

نحن ما زلنا في مكاننا حتى في أَيَّامنا هذه نرى ظهورات أمثال العذراء ومار شربل ويتعلق بهم الناس ليس لخفَّةِ عَقلِهِم فقط، بل أيضًا لعُمقِ شَرِّهِم. يصنعُ الشَّيطانُ المُستَحِيلَ ليُبعِدَ النَّاسَ عَنِ المَسِيح لأنَّه يكرهُ الرَّبَّ وكَنِيسَةَ الرَّبِّ وشَعبَ الرَّبّ. كما في أَيَّامنا هذه فإنَّهُ في فَترَةِ الأعياد وخُصُوصًا عيد الفصح وبسبب عمل الصليب والقيامة، تكثر عجائبُ مَريَم ليُبعِدَ إبليسُ الناسَ عن المَسِيح. مريم والقدِّيسُونَ لا يقدِرُونَ أن يُخَلِّصُوا أرواح بني البشر، والشَّيطانُ يُعمِي عُيُونَهُم الرُّوحيّة لكي لا يُبصِرُوا جمالَ يسوع ويرجعوا إلى الرَّبّ يسوع لكي يُخَلِّصَهُم. الدِّينُ المَسِيحيُّ الحقيقي المَبنِيُّ على أساس دم يسوع هو وحده فيه الخلاص والشفاء والحياة الأَبَديَّة: "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ، ۲٤مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، ۲٥الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ" (رومية ۳:  ۲۳-۲٥) ؛ "الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ" (أفسس ۱: ۷). 

(١٥) "وَأُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْشِ يُقْتَلُونَ."

اليومَ نسمَعُ أنَّ صُورَةً تمَشَّحَتْ بالزَّيتِ أو أنَّ تمثالاً لأَحَدِ القِدِّيسِينَ رَشَحَ زيتًا؛ وذَوُو العُقُولِ الضَّعِيفَةِ يَركُضُونَ وراء تلك الخُزَعبَلاتِ بسبَبِ شَرِّهِم، لأنَّهم لا يحترمون وصايا الرَّبّ يسوع العشر التي الأولى والثانية منهما تقولان: "لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي"؛ "لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاء مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأرض مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأرض" (خروج ٢٠: ٣-٤). لذلك يُسلِمهُم الرَّبّ لعمل الضلال: "تَكْثُرُ أَوْجَاعُهُمُ الَّذِينَ أَسْرَعُوا وَرَاءَ آخَرَ" (مزامير ١٦: ٤)؛ "لأَنَّهُ هُوَذَا الْبُعَدَاءُ عَنْكَ يَبِيدُونَ. تُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَزْنِي عَنْكَ" (مزامير ٧٣: ٢٧)؛ "الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ، وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إلى الأَبَد. آمِينَ. ۲٦لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إلى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ" (رومية ١: ٢٥-٢٦).

في الضِّيقَة العظيمة سَوفَ تكونُ مِن قُدرَةِ الشَّيطان أن يَجعَلَ صُورَةً تتكلَّم. كلُّ عجيبة لا تُمَجِّدُ الرَّبَّ يسوع هي عمل شيطاني. في تلك الأَيَّام سيكون الشعبُ اليهوديُّ في ذلً، ومغلوبًا من الأمم، لذلك سيدخل النبي الكَذَّاب إلى الهيكل ويضع صورة المَسِيح الكَذَّاب ويجعلُ الصورة تتكلم.

ليس هذا فقط بل أنَّ المَسِيح الكَذَّاب سيدخلُ الهيكلَ ويطلبُ التَّعَبُّدَ له: "إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ ٤الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ" (٢ تسالونيكي ٢: ٤). سيُجبِرُ الناسَ على عبادة المَسِيح الكَذَّاب والتعبُّدِ لِصُورَتِهِ، وكلّ من يرفضُ يُقتل. 

(١٦) "وَيَجْعَلَ الْجَمِيعَ: الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، وَالأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ، وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى يَدِهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جَبْهَتِهِمْ."

سيَستعبِدُ المَسِيحُ الكَذَّابُ الناسَ ويَجعَلُ لَهُم خَتمَ ربما لايزر (Laser) قطعة حاسوب إلكتروني دقيق  (computer microchip) على جبهتهم وعلى يَدِهِم اليُمنَى. كلُّ النَّاسِ الأَحياء على وجه الأرض سيكون لهم إما ختم المَسِيح إذ هم أولاد النور، وإما سمة المَسِيح الكَذَّاب وإبليس إذ هم أولاد الظلمة الروحيّة بدون المَسِيح الحقيقي. 

(١٧) "وَأَنْ لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ، إِّلاَّ مَنْ لَهُ السِّمَةُ أَوِ اسْمُ الْوَحْشِ أَوْ عَدَدُ اسْمِهِ."

هكذا هو دائمًا الجنس البشري مُنقَسِمٌ إلى قِسمَين؛ وإن يكن ذلك بصورة روحيّة غير مَرئية: "كَانَ فِي الأرض طُغَاةٌ فِي تِلْكَ الأَيَّام. وَبَعْدَ ذلِكَ أَيْضًا إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَدًا، هؤُلاَءِ هُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ ذَوُو اسْمٍ" (تكوين ٦: ٤)؛ "لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟" (٢ كورنثوس ٦: ١٤)؛ "لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآن فَنُورٌ فِي الرَّبّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ" (أَفَسُس ٥: ٨). 

سوف يأتي اليوم الذي فيه سيستعملُ العالَمُ بأَجمَعِهِ بديلاً عن النقد والبطاقة الإئتمانية؛ وهذه سياسة إقتصادية قد قطعت مرحلة الدرس واليوم هي في مرحلة الاختبار ثم التطبيق والتنفيذ بحيث سوف يتمُّ وَضعُ خَتمٍ على اليد والجبهة بواسطة الليزر. لكن لن يصل العالم إلى إكتمال هذه المرحلة إلا بعد إختطاف الكنيسة وفي أثناء الضِّيقَة العظيمة؛ وسوف تكون هي حينئذٍ الفرصة المناسبة للشَّيطانِ للتَّحَكُّمِ بالنَّاس؛ فإنَّ التكنولوجيا في النهاية ستتحوَّلُ لإستعباد ودمار الجنس البشري. نحن أولادُ الرَّبّ علينا أن نتسلَّحَ بالحِكمَةِ والفَهمِ والبَصِيرَةِ الرُّوحِيَّةِ، ونبتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي. حُكُومَاتُ العَالَمِ تَدفَعُ البليارات من الدولارات لتجميع المعلومات عن الناس؛ واليوم وسائل التواصل الاجتماعي تقدم هذه المعلومات لهم مجانًا على طَبَقٍ مِن فِضَّة. البَشَرُ بِشَكلٍ عَامٍّ مَعمِيُّو البصيرةِ الروحيّة بسبب محبَّتِهِم للجسدِ والعَالَمِ والأُمُور العالمِيَّة، وهم لذلك أغبياء ولا يَدرُونَ أنَّ ما هم يفعلون، إنَّما يخسرون خصوصيات ذواتهم وخصوصيات أولادهم ويَعرِضونها على الملأ وأجهزة المعلوماتيات العالمية؛ والرَّابِحُ الأكبَر ستكون حكومة المَسِيح الكَذَّاب. 

(١٨) "هُنَا الحُكمةُ! مَنْ لَهُ فَهْمٌ فَلْيَحْسُبْ عَدَدَ الْوَحْشِ، فَإِنَّهُ عَدَدُ إِنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ: سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ."

المَسِيحُ الكَذَّاب مُحنَّكٌ وحَكِيمٌ مثل إبليس الحكيم للشرّ: "أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ" (حزقيال ٢٨: ١٢)؛ وبحكمته سوف يخدَعُ النَّاس؛ لكن المؤمنَ له فِكرُ المَسِيح: "لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ المَسِيح" (١ كورنثوس ٢: ١٦)؛ فيتحذَّرُ ولا يُعطِي إبليسَ مكانًا أو فرصة.
الرقم ستة هو رقم الإنسان والرقم ثلاثة هو رقم التمام؛ فالمَسِيحُ الكَذَّاب لن يقولَ للنَّاسِ أنا المَسِيحُ الدَّجَّال، بل سيَظهَرُ كإنسانٍ كامِلٍ فيه الصفات البشرية الممتازة، من ناحيةِ شخصيةٍ ومَحضَرٍ وفَهمٍ وعِلمٍ وحِنكَةٍ وحِيلَةٍ وذَكَاءٍ وجَاذِبِيَّةٍ وجَمَالٍ ومَقدِرَةٍ على القِيادَةِ وحَلِّ المَشَاكِلِ الاقتصاديَّةِ والاجتماعية والجغرافية وغيرها. الحكيمُ آنذاك سوف يأخذ حَذَرَهُ ويَهرُبُ مثلما أَوصَى الرَّبّ يسوع: "فَمَتَى نَظَرْتُمْ رِجْسَةَ الْخَرَابِ الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ المُقَدَّس لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ ۱٦فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إلى الْجِبَالِ، ۱۷وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا" (متّى ٢٤: ١٥-١۷)! 

الوصِيَّةُ في كلّ الأجيال للمَسِيحِيِّ المُؤمِنِ بالرَّبِّ يَسوع هي أن يَهرُبَ مِن نَجَاسَاتِ العَالَمِ والخَطِيَّةِ، ويَتَمَرَّس بالتَّقوَى والقَنَاعَةِ بالوَضعِ الذي يَضَعُكَ الرَّبُّ يسُوعُ فِيهِ، وتَنتَظِرُ خَلاصَهُ الأكيد!

  • عدد الزيارات: 201