Skip to main content

الأصحاح الثامن عشر

– دَمَارُ بَابِل الاقتِصَادِيَّة –

– دَمَارُ اقتِصَادِ مَملَكَةِ المَسِيح الكَذَّاب –

(١) "ثم بعد هذا رأيتُ ملاكًا آخر نازلاً من السَّمَاء، له سلطانٌ عظيمٌ. واستنارت الأرضُ مِن بَهَائِه." 

هذا الملاك هو غير الملاك الذي رأيناه في الأصحاح السابع عشر الذي كان واحدًا من الملائكة الذين كان معهم: "السَّبْعَةُ الْجَامَاتُ" (رُؤيا ١٧: ١). نرى هنا ملاكًا عظيمًا جبَّارًا له نور وبهاء عظيمان، وسلطان على الأرض كلها ويتصرَّفُ بِسُلطَةٍ وقُدرَةٍ عَظيمةٍ مِن عِندِ الرَّبّ يسوع. 

(٢) "وصَرَخَ بِشِدَّةٍ بِصَوتٍ عَظِيمٍ قائلاً: "سقطت! سقطت بابل العظيمة! وصارت مَسكِنًا لشياطين، ومَحرَسًا لكلّ روحٍ نجسٍ، ومَحْرَسًا لكلّ طائرٍ نجسٍ ومَمقُوت."

انهَارَتْ وسقطَتْ عَظَمَةُ الإتحاد الأوروبي مملكة المَسِيح الكَذَّاب. دُمِّرَ النفوذ العالمي للسُّوقِ الأوروبية المشتركة، التي كان هدفها السيطرة على إقتصاد العالم، والتي كانت دوافعها العوامل الشيطانيّة من محبة المال والسيطرة على العالم. من يتبَعُ المال يَخسَرُ مُبتَغَاهُ، ويُعَانِي أوجاعَ تأثير الأرواح الشريرة والنَّجِسَة والمَمقُوتَة عليه: "لأنَّ مَحَبَّةَ المَالِ أَصلٌ - أساس - مَصدَرٌ - لِكُلِّ الشُّرُور، الذي اذ ابتغاه قوم ضَلُّوا عَنِ الإيمان، وطَعَنُوا أَنفُسَهُم بأَوجَاعٍ كَثِيرَة" (١ تيموثاوس ٦: ١٠). 

(٣) "لأنَّهُ من خمرِ غضبِ زناها قد شَرِبَ جَمِيعُ الأممِ، ومُلوكُ الأرض زنوا معها، وتُجَّارُ الأَرضِ استَغنُوا مِن وَفرَةِ نَعِيمِها."

كُلُّ الشُّعُوبِ والأُمَم تَزنِي عَنِ الرَّبِّ بسببِ إتِّبَاعِها المال. محبةُ المَالِ تُعمِي المُبصِرَ وتُحَمِّقُ الحَكِيمَ وتُعوِّجُ المُستَقِيم: "الرَّشوَةُ تُعمِي المُبصِرِين، وتُعَوِّجُ كلامَ الأَبرَار" (خروج ٢٣: ٨)؛ "الرَّشوَةُ تُعمِي أَعيُنَ الحُكماءِ وتُعوِّجُ كلامَ الصِّدِّيقين" (تثنية ١٦: ١٩). كلّ الرؤساء والملوك يَهُمُّهُمُ المَال ويفقُدُونَ صَوابَهُم، كَأنَّهُم سَكَارَى، في رَكضِهِم وراءَ المالِ؛ على حِسَابِ محبة الرَّبّ يسوع الذي يُعَلِّمُنا قائلاً: "لا يقدر أحد أن يَخدمَ سَيِّدَين، لأنَّه إمَّا أنْ يُبغِضَ الوَاحِدَ ويُحِبَّ الآخَر، أو يُلازِمَ الوَاحِدَ ويَحتَقِرَ الآخَر. لا تَقدِرُونَ أنْ تَخدمُوا اللهَ والمَال" (متّى ٦: ٢٤).

هؤلاءُ المُلُوك والرُّؤَساء سيختارون السَّعِي وراء المال والثراء والرفاه الاقتصادي والتجاري والاجتماعي والتمتُّع الجسدي. هؤلاء سيحبُّون المال فسوف يبغضون الرب يسوع ولن يسأَلوا عن أرواحِهِم ولا راحتِهِم في المَسِيح ولا غنى المَسِيح الروحي؛ فسوف يخَسِرُون الكُلّ: "لأنَّه ماذا ينتفِعُ الإنسانُ لو رَبِحَ العَالَمَ كُلَّهُ وخَسِرَ نفسَهُ؟" (مرقس ٨: ٣٦). 

(٤) " ثُم سمعتُ صوتًا آخَرَ مِنَ السَّمَاء قائلاً: اخرُجُوا مِنهَا يا شَعبِي لِئلاَّ تَشتَرِكُوا في خطاياها، ولئلاَّ تأخُذُوا مِن ضَرَبَاتِها."

يُذَكِّر اللهُ شعبَهُ الأحياء على الأرض في أثناء الضِّيقَة العظيمة بأن لا يركضوا وراء المَكسَبِ المادِّيِّ بل يحافظوا على إنفرازهم والخروج من بابل. هذا النداء يُذَكِّرُنَا بنداء لوط ويعلمنا ان نتعظ منه: "وقالَ الرَّجُلانِ لِلُوطٍ مَن لَكَ أيضًا هَهُنا. أصهَارَكَ وبَنيكَ وبناتِكَ وكُلَّ من لَكَ في المدينَةِ أخرِجْ منَ المكان. لأنَّنا مُهلِكَانِ هذا المَكان. إذ قد عَظُمَ صُراخُهُم أمامَ الرَّبِّ فأرسَلَنا لِنُهلِكَهُ. فخرجَ لُوطٌ وكلَّمَ أصهارَهُ الآخذينَ بناتِهِ وقالَ قُومُوا اخرُجُوا من هذا المكان. لأنَّ الرَّبَّ مُهلِكٌ المدينَةَ. فكانَ كمازِحٍ في أعيُنِ أصهارِهِ." (تكوين ١٩: ١٢-١٤). 

(٥) "لأنَّ خَطَايَاهَا لَحِقَتِ السَّمَاء، وتذكَّر اللهُ آثامها." 

أكانت دينيةً أم اقتصادية أم عسكرية أم سياسية، فإن كيلَ الله قد طفَحَ على بابل المُتَمَرِّدَة على الرَّبّ يسوع. لقد كملت خطاياها ووصلت إلى السَّمَاء فطفح كيل الرَّبّ وها هو الآن يَكشِفُ للعَلَنِ أثامَها وخطاياها المَاضِيَة والحَاضِرَة. 

(٦) "جَازُوهَا كما هِي أيضًا جازَتْكُم، وضَاعِفُوا لها ضعفًا نَظِيرَ أعمالِهَا. في الكأسِ التي مَزَجَتْ فيها أُمزُجُوا لها ضعفًا." 

بابل كانتْ دائِمًا شِرِّيرَةً بِحَقِّ المُؤمِنِين أكان من ناحية الأمور الروحيّة أم الاجتماعية أم أي ناحية أُخرى؛ والآن وقد جاءَتْ ساعةُ عقابها يجب أن لا يتأسف أولادُ الرَّبِّ عليها لأن الرَّبّ يضربها بغضبه "الصَّاع صَاعَيْن"، دليل مَدَى نَقمَتِهِ ومَدَى قُوَّةِ دَينُونَتِهِ لَها. 

(٧) "بقدر ما مَجَّدَتْ نفسَها وتَنَعَّمَت، بقدرِ ذَلِكَ أعطُوهَا عَذَابًا وحُزنًا. لأنَّها تَقُولُ في قلبِها: أنا جَالِسَةٌ مَلِكَةً، ولَستُ أرملةً، ولن أَرَى حُزنًا." 

كبرياءُ وغُرُورُ أُورُوبا إقتصاديًا سيُلحِق بها دينونة الرَّبّ. فقد أصابَ قلبَها العَمَى عن مخافة الرَّبّ يسوع، بسببِ الوضع الرُّوحِيِّ المُظلِم والمُخِيف الذي آلَتْ إلَيه. 

(٨) "من أجلِ ذلكَ في يومٍ واحدٍ ستأتي ضرباتُها: موتٌ وحزنٌ وجوعٌ، وتحترقُ بالنارِ، لأن الرَّبّ الإله الذي يدينُها قويٌ." 

لأجلِ ذلكَ هي تستَحِقُّ كُلَّ عِقَاب الرَّبّ يسوع البارّ العادِل والقَوِيّ في مُحَاكَمَتِهِ لها، إذ يُرسِلُ عليها كُلَّ وَيلاتِ الجُوعِ والحُزنِ والمَوتِ والنَّارِ الأَبَدِيَّة. 

(٩) "وسيبكي وينوحُ عليها ملوكُ الأرض، الذين زَنوا وتَنَعَّمُوا معها، حينما يَنظُرُونَ دُخَانَ حَرِيقِها." 

مَن يَنُوحُ ويُشفِقُ ويَبكِي على بابل؟ فقط الأَشرَارُ الذين إشتَرَكُوا في خَطَايَاهَا وتَعَمَّقُوا في زِنَاهُم الرُّوحِيّ مَعَها. يَبكِي هَؤلاءُ الملوك والرؤساء الأَشرَار لأنَّه قد جاء دورُهُم في نَيْلِ العِقَابِ والمَصِير ذاتِهِمَا مِثلها. 

(∙١) "واقفين من بعيدٍ لأجلِ عذابها، قائلين: ويلٌ! ويلٌ! المدينةُ العظيمةُ بابلُ! المدينةُ القويةُ! لأنهُ في ساعةٍ واحدةٍ جاءت دينونتُكِ." 

سيَبكِي العالَمُ كُلُّهُ عِندَ سُقُوطِ إنهِيَارِ إقتصادِ الإتِّحَادِ الأُورُوبِي، مملكة المَسِيح الكَذَّاب في لحظة واحدة. كلّ تلك العظمة ستزول وتفنى إلى الأَبَد وهكذا سيكونُ نَصِيبُ كُلِّ الذينَ تعَامَلُوا مَعَهَا وإستَفَادُوا مِنَ المُتَاجَرَةِ مَعَها؟ 

(١١) "ويبكي تُجَّارُ الأَرضِ ويَنُوحُونَ عَلَيها، لأنَّ بَضَائِعَهُم لا يَشتَرِيها أَحَدٌ في ما بعدُ." 

سيَبكُونَ ويُوَلوِلُون ويَنُوحُونَ ليس فقط على شرِّهَا الذي قد انتهى، بل وعلى عدم إستفادتهم منها أكثر. فإن قلبَهُم هو في عَمًى رُوحِيٍّ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِم للمال؛ وبدلاً من أنْ يَتُوبُوا ويَرجِعُوا إلى فادِي النُّفُوسِ الرَّبّ يسوع، نَرَاهُم يُفَتِّشُونَ عَن سُوقٍ جَدِيدٍ لِبِضَاعَتِهِم. لكن قد جاءَتْ نِهَايَتُهُم في جَهَنَّم إلى الأَبَد، آمين. 

(١٢) "بضائعُ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ والحجرِ الكريمِ واللؤلؤِ والبَزِّ والأُرجُوانِ والحريرِ والقرمزِ، وكلّ عودٍ ثِينِيٍّ، وكلّ إناءٍ من العاجِ، وكلّ إناءٍ من أثمنِ الخشبِ والنحاسِ والحَدِيدِ والمَرمَرِ." 

كانَتْ فَوائِدُ بَابِل لِلعَالَمِ مُكَوَّنَةً مِن فَوَائِدَ مَادِّيَّةٍ أَرضِيَّةٍ في غِنًى مَادِّيٍّ دُنيَوِيٍّ وفي فَخرِ اللِّبَاسِ الجَسدِيّ، بدون روح الرَّبّ يسوع: "كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. ۱۷وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إلى الأَبَد. ۱۸أَيُّهَا الأَوَّلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ المَسِيح يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآن أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرةُ" (١ يوحنا ٢: ١٦-١٨). 

(١٣) "وقرفةً وبخورًا وطيبًا ولُبانًا وخمرًا وزيتًا وسميذًا وحنطةً وبهائم وغنمًا وخيلاً، ومركباتٍ، وأجسادًا، ونُفوس الناسِ."

أوروبا غنيّة بالعُطُور والشَّرِكَاتِ المُتَخَصِّصَة باللباس الأنيق والطعام والمشروب ذي الذوق الرفيع؛ كما في إستغلالِها للدُّوَلِ الفَقِيرَةِ وإستعباد شعوبهم، لكي تتنعم هي في ظلِّ بُرُودَةٍ رُوحِيَّةٍ مُخِيفَة. أوروبا اليوم هي جبل جليد رُوحِيٍّ بِدُونِ خَوفِ اللهِ، وهي نَاكِرَةٌ كلّ قِيَمِها المَسِيحيّة القديمة في التاريخ. 

(١٤) "وذَهَبَ عَنكِ جَنَى شَهوَةِ نَفسِكِ وذَهبَ عنكِ كلّ ما هو مُشحِمٌ وبَهِيٌ ولن تجديه في ما بعدُ."

ولكن قد جاء وقتُ عقابها من عند الرَّبّ فها هي قد خسرت كلّ شيء؛ ونالت قصاص شهوة نفسها الكامنة في محبة المال والجسد والعالم. بقي أمامها فقط عذاب عقاب الله الأَبَدي. 

(١٥) "تُجَّارُ هذه الأشياء الذين استغنوا منها سيقفون من بعيدٍ من أجل خوف عذابها يبكون وينوحون."

كلُّ الدول الشركاء الذين استفادوا واستمتعوا بالتجارة معها قد تَخَلُّوا الآن عنها، ووقفوا من بعيد لسبب خوفهم على مصالحهم ولسبب معرفتهم أنَّ قصاصها مُقْبِلٌ عليهم هم أيضًا. 

(١٦) "ويقولون وَيلٌ وَيلٌ المَدِينَةُ العَظِيمَةُ المُتَسَربِلَةُ بِبَزٍ وأُرجُوَانٍ وقِرمِزٍ والمُتَحَلِّيَةُ بذهبٍ وحجرٍ كريمٍ ولؤلؤ." 

بابل مملكة المَسِيح الكَذَّاب التي هي الإتحاد الأوروبي؛ الأَمبَراطُورية القديمة المُنتَعِشَة، القوة الرابعة والأَخِيرة من أزمنة الأمم، هي زينة ممالك العالم في الزِّيِّ والرُّقِيّ والتقدُّم والحضارة والغنى المادي؛ ولكن بدون مخافة الله. بل كلّ رؤوس أموال العالم الكبيرة في العالم اليوم هي محفوظة في بنوك أوروبا، خاصة بريطانيا وسويسرة. 

(١٧) "لأنه في ساعة واحدةٍ خرب غنى مثلُ هذا. وكلُّ رُبَّانٍ وكلّ الجماعةِ في السُّفُنِ والمَلاَّحُونَ وجَمِيع عُمَّالِ البَحر وقفوا من بعيدٍ." 

لأجل ذلك في لحظة في ساعة واحدة سيأتي عليها غضب الرَّبّ كما يصفه إشعياء بأنه "إضطهاد بلا إمساك" (إشعياء ١٤: ٦). هذا سوف يكون نصيب كلّ من يتعامل ويتاجر معها. غناها سيزول والذين يتعاملون معها سوف يهربون بعيدًا. 

(١٨) "وصَرَخُوا إذ نَظَرُوا دُخَانَ حَرِيقِهَا قائلين أيةُ مدينةٍ مثل المدينةِ العظيمةِ."

صَرخَةُ الألم هذه هي على ذواتهم لأنَّهم خَسِرُوا ما تَوَقَّعُوهُ أنْ يَكُونَ رِبحًا، فكان خسارة مزدوجة؛ خسارة روحيّة وخسارة مادية. ولأنه قد جاء وقتهم ليحصدوا ما زرعوه، فالقصاص قادَم عليهم سريعًا. زرعوا للجسد المؤقت فسيحصدون فسَادًا أَبَديًا: "لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَديَّةً" (غلاطية ٦: ٨). 

(١٩) "وألقوا تُرابًا على رؤوسهم وصرخوا باكين ونائحين قائلين: ويلٌ ويلٌ المدينةُ العظيمةُ التي فيها استغنى جميعُ الذين لهم سفنٌ في البحر من نفائسها لأنها في ساعةٍ واحدةٍ خربت." 

مُلوكٌ وزُعَمَاءُ وتُجَّارٌ مُحَنَّكُونَ قد أذَلَّهُم الرَّبّ. قصاص الله عظيم لأنَّه يُهلِكُ كُلَّ من يزني عن يسوع. فسوفَ يَتَذَلَّلُونَ ويَنُوحُونَ على أنفسهم وعلى تجارتهم التي انتهت بالخسارة المُفَاجِئَة والمُفجِعَة، رغم كلّ قوتها وكِبَرِ أسطُولِها التجاري. 

(∙٢) "افرحي لها أيَّتُها السَّمَاءُ والرُّسُلُ القدِّيسُون والأنبياءُ لأن الرَّبّ قد دانها دينونتكم."

كما فرحت السَّمَاء على سقوط إبليس من السَّمَاء إلى الأرض: "۹فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إلى الأرض، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ" ؛ ۱۱وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ. ۱۲مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأرض وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلاً" (رُؤيا ١٢: ٩ ؛ ١١-١٢)؛ كذلك تفرَحُ السَّمَاءُ على سقوط مدينَتِهِ بابل: "لِذلِكَ هَا أَيَّام تَأْتِي وَأُعَاقِبُ مَنْحُوتَاتِ بَابِلَ، فَتَخْزَى كُلُّ أرضهَا وَتَسْقُطُ كُلُّ قَتْلاَهَا فِي وَسْطِهَا. ٤۸فَتَهْتِفُ عَلَى بَابِلَ السَّمَاوَاتُ وَالأرض وكلّ مَا فِيهَا" (أرمياء ٥١: ٤٧-٤٨).

كذلك الأَبرَار يفرحون عندما يرون أنَّ الرَّبّ قد دان بابل بالدينونة التي طلبها قديسوه: "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ، ∙۱وَصَرَخُوا بصوت عظيم قائلين: حتى متى أيها السيد القدوس والحق، لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟" (رُؤيا ٦: ٩-∙١). 

كذلك سنرى في مطلع الأصحاح المقبل تهليل السَّمَاء كلها على سقوط بابل: "وَبَعْدَ هذَا سَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ فِي السَّمَاءِ قَائِلاً: هَلِّلُويَا! الْخَلاَصُ وَالْمَجْدُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا، ۲لأَنَّ أَحْكَامَهُ حَق وَعَادِلَةٌ، إِذْ قَدْ دَانَ الزَّانِيَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي أَفْسَدَتِ الأَرْضَ بِزِنَاهَا، وَانْتَقَمَ لِدَمِ عَبِيدِهِ مِنْ يَدِهَا. ۳وَقَالُوا ثَانِيَةً: هَلِّلُويَا! وَدُخَانُهَا يَصْعَدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. ٤وَخَرَّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتِ وَسَجَدُوا ِللهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ قَائِلِينَ: آمِينَ! هَلِّلُويَا! ٥وَخَرَجَ مِنَ الْعَرْشِ صَوْتٌ قَائِلاً: سَبِّحُوا لإِلهِنَا يَا جَمِيعَ عَبِيدِهِ، الْخَائِفِيهِ، الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ! (رُؤيا ۱۹: ۱-٥).

(٢١) "ورفع ملاكٌ واحدٌ قويٌ حجرًا كرحى عظيمةٍ ورماهُ في البحرِ قائلاً هكذا بدفعِ ستُرمى بابلُ المدينةُ العظيمةُ ولن توجد في ما بعدُ."

وهذا سيحدث كما تنبأ أيضًا إرمياء النبي: "وَقَالَ إِرْمِيَا لِسَرَايَا: إِذَا دَخَلْتَ إلى بَابِلَ وَنَظَرْتَ وَقَرَأْتَ كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ، ٦۲فَقُلْ: أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ تَكَلَّمْتَ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ لِتَقْرِضَهُ حَتَّى لاَ يَكُونَ فِيهِ سَاكِنٌ مِنَ النَّاسِ إلى الْبَهَائِمِ، بَلْ يَكُونُ خِرَبًا أَبَديَّةً. ٦۳وَيَكُونُ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ قِرَاءَةِ هذَا السِّفْرِ أَنَّكَ تَرْبُطُ بِهِ حَجَرًا وَتَطْرَحُهُ إلى وَسْطِ الْفُرَاتِ ٦٤وَتَقُولُ: هكَذَا تَغْرَقُ بَابِلُ وَلاَ تَقُومُ، مِنَ الشَّر الَّذِي أَنَا جَالِبُهُ عَلَيْهَا وَيَعْيَوْنَ. إلى هُنَا كَلاَمُ إِرْمِيَاء" (إرمياء ٥١: ٦١-٦٤). ستفنى مملكة المَسِيح الكَذَّاب الاقتصادية إلى الأَبَد. 

(٢٢) "وصوتُ الضَّارِبِينَ بالقِيثَارةِ والمُغَنِّينَ والمُزَمِّرين والنَّافِخِينَ بالبُوقِ لن يُسمَعَ فِيكِ فِي مَا بعدُ. وكلُّ صانعٍ صناعةً لن يوجدَ فيكِ في ما بعدُ. وصوتُ رَحًى لن يُسمَعَ فيكِ في ما بعدُ." 

مُختَلَفُ أَوجُهِ الرَّفَاهِ الإجتماعي من مباهج وموسيقى وأفراح ستزول إلى الأَبَد، كما سيزولُ إلى الأَبَد دَوْرُ أصحاب الصناعات والمهن وأعمدة المجتمع كما تنبأ أيضًا إشعياء: "لِذلِكَ لَعْنَةٌ أَكَلَتِ الأرض وَعُوقِبَ السَّاكِنُونَ فِيهَا. لِذلِكَ احْتَرَقَ سُكَّانُ الأرض وَبَقِيَ أُنَاسٌ قَلاَئِلُ. ۷نَاحَ الْمِسْطَارُ، ذَبُلَتِ الْكَرْمَةُ، أَنَّ كُلُّ مَسْرُورِي الْقُلُوبِ. ۸بَطَلَ فَرَحُ الدُّفُوفِ، انْقَطَعَ ضَجِيجُ الْمُبْتَهِجِينَ، بَطَلَ فَرَحُ الْعُودِ" (إشعياء ٢٤: ٦-٨).

(٢٣) "ونورُ سراجٍ لن يُضيءَ فيكِ في ما بعدُ. وصوتُ عريسٍ وعروسٍ لن يُسمَعَ فيكِ في ما بعدُ. لأنَّ تُجَّارَكِ كانوا عُظمَاء الأرض. إذ بسحرِكِ ضَلَّت جَمِيعُ الأُممِ." 

كلُّ الذين زنوا عن الرَّبّ يسوع لا يبقى أمامَهم سوى ظلمة أَبَدية: "لا يُعَايِنُونَ النور إلى الأَبَد" (مزامير ٤٩: ١٩). كلّ إنسان يغادر هذه الدنيا بدون أن يكون قد تاب وطلب المغفرة من الرَّبّ يسوع فإنه لن يعود يرى نور الشمس أو أي نور آخر إلى أَبَد الآبِدِين. لذلك لا تتلفّت إلى غنى العالم بل تعال إلى الرَّبّ يسوع واحصل على غفران خطاياك وحياة أَبَدية ونور أَبَدي معه في السَّمَاء حيث: "الْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إلى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إلى أَبَد الدُّهُورِ" (دانيال ١٢: ٣)؛ و"مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" (١ كورنثوس ٢: ٩). 

(٢٤) "وفيها وُجِدَ دَمُ أَنبِيَاء وقِدِّيسِينَ وجَمِيعُ مَن قُتِلَ على الأرض."

مُخَطَّطُ بابل هو الانغماس بالتجارة وإستغلال الناس في سبيل محبة تجميع الأموال، وقتل أولاد الرَّبّ الذين لا يؤاتونها بهذا الفكر الشرير الذي يُبعِدُ النّاسَ عن محبة الرَّبّ يسوع. فإن ربَّ المجد يسوع إبن الله هو الذي يَستَحِقُّ كلّ عبادتنا. يؤول هذا لصالحنا وخيرنا إلى أَبَد عالم بلا نهاية. 

هدف الرَّبّ هو قصاص المَسِيحيّة الطقسية على مُخَطَّطِهَا الذي يُشَتِّتُ الخُطاةَ عن الإلتِجاءِ للرَّبِ يسُوع المسيح المُخَلِّص الوحيد، ويجعَلهم يعتَمِدُونَ عَبَثًا على الأنبِياءِ والقِدِّيسينَ لخلاصِهم، وهذا المُخَطَّطُ منبَعُهُ من إبليس الذي يَكرَهُ خَلاصَ النُّفُوس. إنتبه لآخرتك! "إِنْ كُنْتَ حَكِيمًا فَأَنْتَ حَكِيمٌ لِنَفْسِكَ، وَإِنِ اسْتَهْزَأْتَ فَأَنْتَ وَحْدَكَ تَتَحَمَّلُ" (أمثال ٩: ١٢).

  • عدد الزيارات: 206