Skip to main content

الأصحاحُ السَّابع عشر

المرأة والوحش 

- دمار بابل الدينية –

(١) "ثم جاءَ واحِدٌ مِنَ السَّبعَةِ المَلائِكَة الذين معهم السَّبعَةِ الجَامَات، وتكلَّمَ معي قائلاً لي: "هَلُمَّ فأُرِيَكَ دينونةَ الزَّانِيَةِ العَظِيمَةِ الجَالِسَةِ على المِيَاهِ الكثيرة." 

- ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ السَّبعَةِ الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وتكلَّمَ معي قائلاً لي - عندما أَعلَنَ ملاك الجام السابع: "قد تَمّ" في (رُؤيا ١٦: ١٧) كانت بذلك قد أنتهت ضرباتُ الله، المُكوَّنَة من الختوم والأبواق والجامات؛ والآن أحد هؤلاء الملائكة يدعو يوحنا إلى مُشَاهَدَةِ شَرحٍ مُفَصَّلٍ في الأصحاحات (١٧ و ١٨ و ١٩) كيف ستكون نهاية النبي الكَذَّاب والمَسِيح الكَذَّاب ومملكته الأَمبَراطُورية الرومانية العظيمة المنتعشة، التي هي رُوحِيًّا "بابل". مرة اُخرى، كنا قد رأينا في الأصحاح السادس عشر دمار بابل العسكرية؛ والان سنرى في الأصحاح الحالي دمار بابل الدينية؛ وفي الأصحاح الثامن عشر دمار بابل الاقتصادية؛ وفي الأصحاح التاسع عشر نرى دمار بابل السياسية. 

- هَلُمَّ فأُرِيَكَ - ما يُري الملاك يوحنا هو كيف ستأتي هذه النهاية. 

- دينونةُ الزَّانية العظيمة - يَصِفُ الكِتَاب المُقَدَّس "بابل الدينية" بأنها زانية زِنًاً عظيمًا عن الرَّبّ يسوع المَسِيح. إنها حاضرة الڤاتيكان في روما أُمّ الكاثوليكية العالمية والمَسِيحيّة الاسميَّة التي تجعل الناس يعبدون أي شخص أو أي شيء، وباسم يسوع ولكنَّها تُبعِدُكَ عن عبادة يسوع وحده. لقد طوَّحَت الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية وكلّ الطوائف الطقسية بممالك العالم إذ ملؤوا الأرض من زناهم الروحي عن الرَّبّ يسوع: "أَفْسَدَتِ الأرض بِزِنَاهَا" (رُؤيا ١٩: ٢)؛ وقتلت أتباع الرَّبّ يسوع: "سكرى من دم القديسين ومن دم شهداء يسوع" في العدد (٦) من هذا الأصحاح. 

- الجالسة على المياه الكثيرة - الڤاتيكان جالسة أي مُسَيطِرَة على المياه، أي شعوب العالم، ومستريحة.

 لها تأثير قوي وسَطوَة على عُقُولِ المُلُوكِ والشُّعُوبِ ورُؤَسَاء جُمهُورِيَّات العالم؛ ومع ذلك هم يطلبون رضاها، رضى بابا روما والڤاتيكان.
ملايين وملايين من أرواح البشر هي ضالةٌ عن الخلاص والسَّمَاء ومصيرها الهلاك الأَبَدي، بسبب تعلّقهم بالكنائس الطقسية، التي ترفض الإتِّكَال على وحداوية شفاعة دم المَسِيح والخلاص بالنعمة بالإيمان بدم المَسِيح فقط وبدون أعمال. في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية، يُعالِجُ مَوضُوعَ الخَلاص بِأَنَّهُ بالإيمان فقط؛ وفي الأصحاحَين الثَّالِث والرَّابع يُبَرهِن أنَّ الخلاصَ هو بالإيمان بدون أعمال، والذين يَظنُّونَ أنَّ الخلاص هو بالإيمان والأعمال هم أغبياء، فيبدأ من أول الأصحاح الثالث قائلاً: "أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ، (سَحَرَكُم من رُقيَةٍ) حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ المَسِيح بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا! ۲أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ مِنْكُمْ هذَا فَقَطْ: أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَخَذْتُمُ الرُّوحَ أَمْ بِخَبَرِ الإيمان؟ ۳أَهكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآن بِالْجَسَدِ؟" (غلاطية ۳: ۱-۳). إنَّهُ سِحرٌ وجُنون وشرّ أنَّ يَظُنَّ أَحَدٌ أنَّ الخَلاصَ هو بالأعمال أو إيمان زائد أعمال؛ وهذا تمامًا ما تُعَلِّمُّهُ ڤاتيكان روما، أُمُّ الزَّواني والرَّجاسَاتِ الرُّوحِيَّة للكُرَةِ الأَرضِيَّة. 

(٢) "الَّتِي زَنَى مَعَها مُلوكُ الأرض، وسَكِرَ سُكَّانُ الأَرضِ مِن خَمرِ زِناها."

الزنى هنا هو زنى روحي، الذي هو تَعَبُّدٌ لأَيِّ كَائِنٍ أو شَيءٍ أو أحد غير الرَّبّ يسوع: "تُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَزْنِي عَنْكَ" (مزامير ٧٣: ٢٧)؛ "زَنَيْتَ عَنْ إِلهِكَ" (هوشع ٩: ١)؛ "وَخَانُوا إِلهَ آبَائِهِمْ وَزَنَوْا وَرَاءَ آلِهَةِ شُعُوبِ الأرض" (١ أخبار الأَيَّام ٥: ٢٥). 

بعد اختطاف المؤمنين بالرَّبّ يسوع ربًا ومخلصًا لهم، ستزداد سَطوَةُ الڤاتيكان على العالم بقيادة النَّبِيِّ الكَذَّاب؛ وستقودُ العالَمَ في شَطحٍ مُخِيفٍ في زِنًى رُوحِيٍّ عَالَمِيٍّ عن عبادة الرَّبّ يسوع المَسِيح؛ كما أنَّها ستقود قوى العالم في إضطهاد عالمي ضد كلّ من: "يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ المَسِيح" (رُؤيا ١٢: ١٧)؛ وستقتلهم: "قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْجُدُوا لِلْوَحْشِ وَلاَ لِصُورَتِهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوا السِّمَةَ عَلَى جِبَاهِهِمْ وَعَلَى أَيْدِيهِمْ، فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ المَسِيح أَلْفَ سَنَةٍ" (رُؤيا ٢٠: ٤).

إبليس له تأثيره المُباشر على النبي الكَذَّاب وعلى المَسِيح الكَذَّاب وعلى مملكتِهِ، وكلُّهُم مُرتَوُونَ مِن سُمُومِهِ الشَّيطَانِيَّة، وكُلُّهُم تَحتَ تأثيره سكارى من تأثير أجناد شَرِّهِ الصَّاعِدِينَ مِن جَهَنَّم، كَمَا كُنَّا قد رَأينا فِي الأصحَاحِ التاسع. 

(٣) "فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيتُ إمرأَة جَالِسَةً على وَحشٍ قِرمِزِيٍّ مَملُؤ أسماء تجديف، له سبعة رؤوس وعشرة قرون." 

- فمضى بي بالروح إلى برية، فرأيتُ إمرأَة جالسة على وحش قرمزي مملؤ أسماء تجديف – البَرِّيَّة هي عالَمُ الأُمَم، "بَرِّيَّةُ الشُّعُوب" (حزقيال ٢٠: ٣٥). 

المَرأَةُ الرَّاكِبَةُ على الوَحشِ الصَّاعِدِ مِنَ الأَرض: "ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشًا آخَرَ طَالِعًا مِنَ الأرض" (رُؤيا ۱۳: ۱۱) هي الڤاتيكان، والوحش القرمزي هو مملكة المَسِيح الكَذَّاب الوحش الصاعد من البحر: "ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ" (رُؤيا ١٣: ١).

الِزِيُّ القِرمِزِيُّ هو أَهمُّ لون من ألوان رجال الدين الكُبار مثل الكاردينالات الكاثوليك. هم روما الدينية التي هي روحيًا بابل الدينية. نرى المرأة، الڤاتيكان، في انسجام تام مع الوحش القرمزي، مملكة المَسِيح الكَذَّاب وتسانده.

رأينا في الأصحاح الثالث عشر كيف أنَّ التنين إبليس أعطى الوحش قدرته؛ فإذًا الدَّوْرَانِ اللذان يقوم بهما المَسِيح الكَذَّاب والنبي الكَذَّاب هما كِلَيهِما مُسَيّران بقدرة شيطانية من قِبَل التنين الذي هو إبليس عدوّ النفوس الصاعد من الهاوية. 

كُلُّهُم مَملُوؤن تجديفًا على إسم الله وعلى إسم إبنه يسوع وعلى قطيعه. كلّهم يفتحون فمهم بالتجديف على عرش السَّمَاء: "وَسَجَدُوا لِلتِّنِّينِ الَّذِي أَعْطَى السُّلْطَانَ لِلْوَحْشِ، وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ قَائِلِينَ:مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ؟ ٥وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأربَعينَ شَهْرًا. ٦فَفَتَحَ فَمَهُ بِالتَّجْدِيفِ عَلَى اللهِ، لِيُجَدِّفَ عَلَى اسْمِهِ، وَعَلَى مَسْكَنِهِ، وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي السَّمَاء" (رُؤيا ١٣: ٤-٦). 

- له سبعة رؤوس وعشرة قرون - هذا الوصف يتطابق مع ما رأيناه سابقًا: "هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ" (رُؤيا ١٢: ٣). هذا تأكيد أنَّ الوحش هنا هو "مملكة" المَسِيح الكَذَّاب.

السبعةُ قُرُون هي سَبعُ قُوًى أو سَبْعُ سلالات رومانية في أزمنة يصعب تحديدها في تاريخ روما؛ ولكنَّ القُوَّةَ السَّابِعَة سَتَكُونُ في شكل عشرة ملوك أو إتحادات قوى قوية وضعيفة مشتركة، متمثِّلَة بالحَدِيدِ والخزف: "أَصَابِعُ الْقَدَمَيْنِ بَعْضُهَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ، فَبَعْضُ الْمَمْلَكَةِ يَكُونُ قَوِيًّا وَالْبَعْضُ قَصِمًاِ" (دانيال ٢: ٤٢). هذه القرون العشرة ستُكَوِّن شكل إتحاد قوى الأَمبَراطُوريّة الرومانيّة المنتعشة تحت لواء المَسِيح الكَذَّاب لدى عودة الرَّبّ يسوع إلى الأرض: "فِي أَيَّام هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ، يُقِيمُ إِلهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدا" (دانيال ٢: ٤٤).

كُلُّ هذا نَرَاهُ اليَومَ في الإتِّحَادِ الأوروبي المكوَّن من دول قوية وقوى ضعيفة: "وَبِمَا رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطًا بِخَزَفِ الطِّينِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِطُونَ بِنَسْلِ النَّاسِ، وَلكِنْ لاَ يَتَلاَصَقُ هذَا بِذَاكَ، كَمَا أَنَّ الْحَدِيدَ لاَ يَخْتَلِطُ بِالْخَزَفِ" (دانيال ٢: ٤٣)؛ كما أنَّ هجرة النازحين إلى أوروبا جلبت شعوبًا فقيرة مُتَخَلِّفَة لا تَنصَهِرُ في المجتمع الغربي الأوروبي المُتَمَدِّن والمُتَحَضِّر؛ وهم مُتَمَسِّكُونَ بأديان مُخطِئَة عن الرَّبّ يسوع المَسِيح إبن الله الحيّ؛ شعوب لا تنصهر ولا تندمج مع شعوب ودين أوروبا. 

(٤) "والمرأةُ كانَتْ مُتَسَربِلةً بأُرجُوَانٍ وقِرمِز، ومُتَحَلِّيَة بذهَبٍ وحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ ولُؤلؤ، ومعها كأس من ذهب في يدها مَملُؤة رَجَاسَات ونَجَاسَات زناها."

هذا وصف واضح وفاضح لبابوية روما، حاضرة الڤاتيكان، البهيَّة بأَلوَانِهَا وحُلِيِّهَا الخارجية البهجة للعُيُون؛ ولكنَّهَا مِنَ الدَّاخِل هي مليئة بقذارة التعاليم المَسِيحيّة المُشَوَّهَة ووَسَاخة الإنغماس في مُمَارَسَاتٍ شَهوانِيَّةٍ جِنسِيَّة وفي زنى روحي عن الرَّبّ يسوع. من خارج ذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ، ومن داخل رجاسات ونجاسات وزنى عن يسوع. 

(٥) "وعلى جَبهَتِهَا اسمٌ مَكتُوب: "سِرُّ بَابِل العَظِيمَة أُمّ الزَّوَانِي ورَجَاسَاتِ الأرض."

خِزيُ زِنَاهَا وَاضِحٌ على جَبِينِها ولكنها تبقى لغزًا مخفيًا، سِرّ عن عيون الناس، الذين هم أتباعها ولا يريدون أن يروا حقيقة وجمال يسوع لأن الزنى يخلب القلب: "اَلزِّنَى وَالْخَمْرُ وَالسُّلاَفَةُ تَخْلِبُ الْقَلْبَ" (هوشع ٤: ١١). هذا الوصف يتطابق تاريخيًا مع بابل المُندَثِرَة التي كان لها دور ديني مُروِّع في الزنى والدعارة والإباحة والإنحطاط الجنسي والخلقي والروحي في الماضي والحاضر. 

(٦) "ورأيتُ المَرأةَ سَكرَى مِن دَمِ القِدِّيسِينَ ومن دَمِ شُهَدَاءِ يَسُوع. فتعجَّبتُ لمَّا رأَيتُهَا تَعَجُّبًا عظيمًا."

روما بابل الدينية هَدَرَتْ دِمَاءَ مَسِيحِيِّينَ أكثَرَ بِكَثِيرٍ مِن أَيَّةِ مَدِينَةٍ أُخرَى على وجه الأرض في التاريخ. لذلك هي سَكرَى من دماء القديسين. 

قتلت روما مسيحين ما لا يعد ولا يحصى في القرنين الثاني والثالث ميلاديًا. وفي القرون الوسطى قتلت خمسين مليون مسيحيًّا مؤمنين بالرَّبّ يسوع وبكتابه المُقَدَّس. ذبحتهم لأنَّهم كلّهم آمنوا بالخلاص بالنعمة بدم يسوع بدون أعمال، ولم يعترفوا بمعمودية الأطفال، ولم يؤمنوا بشفاعة مريم والقديسين، وخاصة لأنَّهم لم يقبلوا إستحالة تحوُّلْ الخبز ونتاج الكرمة إلى جسد ودم فعليين حقيقيين للرب يسوع للمسيح. فالكِتَاب المُقَدَّس يُعَلِّمُ أنَّ العشاء الرَّبّاني هو ذو رمز روحي فقط: "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ"، "اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ" (يوحنا ٦: ٥٦، ٦٣). كما أنَّ الرَّبّ يمنع بتاتًا شرب الدم: "لا تأكل نفس منكم دمًا، ولا يأكُلُ الغَرِيبُ النَّازِلُ في وَسَطِكُم دَمًا"، "لأن نفس كلّ جسد هي دمه. كلّ من أكله يقطع" (لاويين ١٧: ١٢، ١٤) "أن تمتنعوا عما ذُبِحَ للأصنام، وعن الدم" (أعمال ١٥: ٢٩).

شرور أباطرة الرومان وباباوات الڤاتيكان يجعلون روما سكرى من كثرة شرب دم قتلاها المَسِيحيين المؤمنين بالرَّبّ يسوع وبالكِتَاب المُقَدَّس.

اليوم رؤوساء الجمهوريات يطلبون وجه البابا ورضى الڤاتيكان؛ وهي مسيطرة على عقول الناس الذين لا يستخدمون عقولهم بالتفكير، شغلهم الشاغل هو الزنى الروحي عن يسوع.

أسوأ ما في الأمر هو أنَّ ملايين وملايين من البشر هم في ضلال روحي ومصيرُهُم سوف يكون الهلاك الأَبَديّ في جهنم بسبب عَدَم إختِبارِهِم الولادَةَ الرُّوحيَّةَ بالتَّوبَةِ والإيمان بالمسيح المَصلُوب لِغُفرانِ خطاياهُم والمُقام لِتبريرِهم، نتيجَةَ تعلُّقِهِم بالكَنائِسِ المسيحية الاسميَّة الطقسيّة التي تُعلِّم كلّ التعاليم، إلا تعاليم الكِتَاب المُقَدَّس وترفض الخلاص بدم يسوع المَسِيح فقط. يسوع يصفهم قائلاً: "۱٤اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ" ؛ "۲۷وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُؤةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وكلّ نَجَاسَةٍ. ۲۸هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. ۲۹وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأنبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، ∙۳وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّام آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأنبِيَاءِ. ۳۱فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأنبِيَاءِ. ۳۲فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. ۳۳أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟" (متّى ١٥: ١٤ ؛ ٢٣: ٢٧-٣٣).

بعد إختطاف كنيسة المَسِيح فإنّ الڤاتيكان سوف تعرف زيغانًا أعمق في زنى روحي أقوى وراء المَسِيح الكَذَّاب بمساندة النبي الكَذَّاب، اللذين سيوحدان أديان العالم لكي تعبد المَسِيح الكَذَّاب: "وَأُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْشِ يُقْتَلُونَ" (رُؤيا ١٣: ١٥). هكذا فإنّ النبيَّ الكَذَّاب سيملأُ الأَرضَ زِنًى روحيًّا عن المَسِيح الحقيقي بل سيضطهد كلّ اتباع الرَّبّ يسوع المَسِيح. 

(٧) "ثم قال لي الملاك: لماذا تعجَّبتَ؟ أنا أقولُ لكَ سِرَّ المرأة والوحش الحامل لها، الذي له السبعة الرؤوس والعشرة القرون." 

تعجَّبَ يُوحَنَّا من عَظَمَةِ هذا اللُّغز في أنَّ الڤاتيكان ستدعم المَسِيح الكَذَّاب وتتحالف معه ومع مملكته ضد أولاد الرَّبّ يسوع. يتعجَّبُ يوحنا من عظم غنى الڤاتيكان المادي؛ ومن مدى رداءة شَرِّ الڤاتيكان وإفلاسها الروحي. يتعجَّبُ يُوحَنَّا من شَسَاعَةِ إطار نطاق قوة الكرسي الرسولي تاريخيًا وجغرافيًا. لذلك تبرَّع الملاك أن يشرح ليوحنا هذا السر! فهو يفسر سِرَّ المرأة - النبي الكَذَّاب - في العدد ١٨ من هذا الصحاح؛ وسِرّ الرؤوس مع القرون - مملكة المَسِيح الكَذَّاب - في الأعداد ٨-١٢ منه. فإنَّ هذا الأصحاح مُكَرَّسٌ من هنا حتى نهايته لشرح هوية المرأة والوحش التي هي راكبة عليه. 

(٨) "الوحش الذي رأيتَ، كان وليس الآن، وهو عتيدٌ أن يصعدَ مِنَ الهَاوِيَةِ ويَمضِي إلى الهَلاك. وسيتعجَّبُ السَّاكِنُونَ على الأرض، الذين ليسَت أَسماؤُهم مكتوبة في سفر الحياة منذ تأسيس العالم، حينما يرون الوحش أنَّهُ كانَ ولَيسَ الآن، مَع أَنَّهُ كائِن."

كلمة "وحش" تَرمُزُ إلى مَلِك ومَملَكَة في آنٍ واحد، فهي تشير إلى: 

    (i) مَملَكَة التي هي الأَمبَراطُورية الرومانية المُنتَعِشَة من جديد كما هي الحال في شرح دانيال: "بَعْدَ هذَا كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا بِحَيَوَانٍ رَابعٍ هَائِل وَقَوِيٍّ وَشَدِيدٍ جِدًّا، وَلَهُ أَسْنَانٌ مِنْ حَدِيدٍ كَبِيرَةٌ. أَكَلَ وَسَحَقَ وَدَاسَ الْبَاقِيَ بِرِجْلَيْهِ. وَكَانَ مُخَالِفًا لِكُلِّ الْحَيَوَانَاتِ الَّذِينَ قَبْلَهُ، وَلَهُ عَشَرَةُ قُرُونٍ" (دانيال ٧: ٧)؛ 

   (ii) كما أنَّ الوحش هو شخص: "كُنْتُ أَنْظُرُ حِينَئِذٍ مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْكَلِمَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الْقَرْنُ. كُنْتُ أَرَى إلى أَنْ قُتِلَ الْحَيَوَانُ وَهَلَكَ جِسْمُهُ وَدُفِعَ لِوَقِيدِ النَّارِ" (دانيال ٧: ١١). 

روما كأَمبَراطُورية إندَثَرَتْ في أَوَاخِرِ القَرنِ الخَامِس ميلاديًا. لَكِنَّهَا بَقِيَت لِمِئَاتِ السِّنِين كدولة قوية، حتى تلاشت في القرن السادس ميلاديًا وأصبحت دولة شبه عادية. ثم بدأت تنتعش تدريجيًا عند ولادة معاهدة "السوق الأوروبية المشتركة" في روما بتاريخ ٢٥ آذار سنة ١٩٥٧ ميلاديًا. في ٦ آذار سنة ٢٠١٤ قال رئيس وزراء إيطاليا آنذاك أنه كان يريد أن يجعل روما من جديد قائدة للعالم كله! هذه الروح وهذه النفسية لا تزالان مُبَطَّنَتَينِ في عَقلِيَّةِ الشَّعبِ الرُّومَانِيّ حَتَّى اليوم.

بعد إختطاف الكنيسة وفي الضِّيقَة العظيمة ستنتعش الأَمبَراطُورية الرومانية القديمة من جديد بقوة إبليس الذي هو الملاك الساقط عند البوق الخامس: "ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الْخَامِسُ، فَرَأَيْتُ كَوْكَبًا قَدْ سَقَطَ مِنَ السَّمَاء إلى الأرض، وَأُعْطِيَ مِفْتَاحَ بِئْرِ الْهَاوِيَةِ. ۲فَفَتَحَ بِئْرَ الْهَاوِيَةِ، فَصَعِدَ دُخَانٌ مِنَ الْبِئْرِ كَدُخَانِ أَتُونٍ عَظِيمٍ، فَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَالْجَوُّ مِنْ دُخَانِ الْبِئْرِ. ۳وَمِنَ الدُّخَانِ خَرَجَ جَرَادٌ عَلَى الأرض، فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا كَمَا لِعَقَارِبِ الأرض سُلْطَانٌ" (رُؤيا ٩: ١-٣). هو الذي يَصِفُهُ الكِتَاب المُقَدَّس بأنه ملاك الشَّر السَّاقِط والُمهْلِك: "وَلَهَا مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ مَلِكًا عَلَيْهَا، اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ أَبَدُّونَ، وَلَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ اسْمُ أَبُولِّيُّونَ" (رُؤيا ٩: ١١).

مصدر هذه المملكة هو الهاوية ومصيرها هو الهلاك.

هذا الانتعاش الروماني سيكون مصدر إنذهال للجنس البشري الذي لا يعرف الرَّبّ يسوع سيّدًا على حياته وعقله. 

(٩) "هنا الذهن الذي له حكمة، السبعة الرؤوس هي سبعة جبال عليها المرأة جالسة." 

- "هُنا الذِّهنُ الذي لَه حِكمَة، السَّبعَة الرُّؤُوس هي سَبعَةُ جِبَالٍ - مَعَ أنَّ مَدِينَةَ رُوما مَبنِيَّة على سَبعَةِ جِبَالٍ، إلاَّ أَنَّنَا نَفهَمُ مِنَ الأَعدَاد ١-٦ أعلاه، أنّه مطلوبٌ حكمة سَمَاوِيَّة لِمَعرِفَةِ تَمييزِ الرَّمزِ الرُّوحِيّ للسَّبعَةِ رُؤُوسٍ والسَّبعَةِ جبال. فالسبعة رؤوس هم سبعة ملوك والسبعة جبال هي ممالك السبعة الملوك مثلما شرحنا في العدد السابق.
- عليها المرأة جالسة - أي أنَّ النبي الكَذَّاب يَستَمِدُّ دَعمَهُ مِن مَملَكَةِ المَسِيح الكَذَّاب، وهو في الوقت ذاته مُهيمن عليها في سيطرة فساد وانحطاط روحيَّين وخُلقِيَّين.
    المرأة هي بابل الدينية والوحش هو بابل السياسية. 

(∙١) "وسبعة ملوك: خمسة سقطوا، وواحد موجود، والآخر لم يأتِ بعد، ومتى أتى ينبغي أن يبقى قليلاً."

هؤلاءُ السَّبعَةُ مُلوك هم سَبعَةُ مَمَالِك في التَّاريخ، كانَ لها دَورٌ مُبَاشَر على الأُمَمِ وعلى إسرائيل، وهي:

     (i) الأولى كانت ابل نمرود في سفر التكوين، حيثُ بَدَأَتْ تظهَرُ فِكرَةُ إختِيارِ نَسلٍ مُؤمِنٍ مِنَ الجِنسِ البَشَرِيِّ، عندما بَلبَلَ الرَّبُّ الإلَهُ لُغَاتِ العَالَم؛

    (ii) الثانية كانت أشور التي سَبَتْ الأسبَاطِ العَشرَة إلى نينوى وحلح وخابور ونهر جوزان؛

    (iii) الثالثة كانت المملكة الكلدانية التي سَبَتْ السِّبطَين يهوذا وبنيامين إلى بابل؛

    (iv) الرَّابعة مادي وفارس؛

    (v) الخامسة اليونان؛

   (vi) عند استلام يوحنا لهذه الرُّؤيَا كان هؤلاء الملوك الخمسة كلّهم قد انتهوا واندثروا وفنوا، والملك الموجود آنذاك كان قيصر روما؛

   (vii) والمملكة السَّابِعَة هي إتحادُ شَرقِي وغربي أوروبا، المُتَمَثِّل في شَكلِ سَاقَيْ تمثال دانيال: "سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ" (دانيال ٢: ٣٣) والأصابع العشر (دانيال ٢: ٤٢). من هذه المَملَكَةِ السَّابِعَة، ستأتي مملكة المَسِيح الكَذَّاب في العدد التالي والتي هي المملكة الثامنة والأَخِيرة.

أيضًا مع بابل وُلِدَتْ فِكرَةُ تَوحِيدِ العَالَم: "وَقَالُوا: هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاء. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأرض. ٥فَنَزَلَ الرَّبّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَم يَبْنُونَهُمَا. ٦وَقَالَ الرَّبّ: هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ" (تكوين ١١: ٤-٦).

فكرةُ التَّوحِيدِ هذه نَادَى بها قادَةٌ عَسكَرِيُّونَ كِبَار عَبرَ التَّارِيخ، وهي رسالة بابل الروحيّة في العالم منذ فجر التاريخ إلى اليوم. على أساسِ هذا التَّوحِيد، سوف تزدهر وتنتعش الأَمبَراطُورية الرابعة والأَخِيرة من ممالك "أزمنة الأمم" إذ تقوم بتوحيد كلّ حكومات العالم. لذلكَ كَثُرَ في هذه الأَيَّام الأَخِيرة الكلامُ على نظام كوني مُوَحّد. لذلك يكثر الحديث اليوم عن محاولة توحيد الطوائف المَسِيحيّة ثم توحيد أديانِ العالم ليَنتَهُوا جميعًا إلى عبادة المَسِيح الكَذَّاب. فالشيطان سيجعل: "جميع الذين لا يَسجُدُونَ لِصُورَةِ الوَحشِ يُقتَلُون" (رُؤيا ١٣: ١٥). لَكِنْ شُكرًا لِلرَّبِّ يَسُوع المُنتَصِر: "فقُبِضَ على الوَحشِ والنَّبِيِّ الكَذَّاب معه، الصَّانِع قُدَّامَهُ الآيات التي بها أَضَلَّ الذين قَبِلُوا سِمَةَ الوَحش، والذين سجدوا لصورته. وطُرِحَ الإثنان حَيَّيْن في بُحَيرَةِ النَّارِ المُتَّقِدَة بالكِبرِيت" (رُؤيا ١٩: ∙٢).

دَورُ المَسِيح الكَذَّاب سيكون عملاً شيطانيًّا لِيُوَحِّدَ الجَميع لِيَدفَعَ الجَمِيعَ إلى جَهَنَّم. كلّ هذا هو مُنَاهِضٌ لإرادة الرَّبّ الذي يريد أن يسكن كلّ شعبٍ وَحدَهُ ضمن إطار حدود وضعها له لكي لا تفسد حياته الروحية، لكي يتفرَّغَ أن يحيا للرب يسوع، لكي يرى حياة أفضل في رغد المَسِيح، كما درسنا في شرح (رُؤيا ١٤: ٨)، حيث منذ البدء فَرَّقَ الرَّبُّ الشُّعُوبَ وحتم حُدُودَ سَكَنِهِم لكي يَعبُدُوهُ، لكي يَروا خَيرَهُ: "حِينَ قَسَمَ الْعَلِيُّ لِلأُمَمِ، حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَم، نَصَبَ تُخُومًا لِشُعُوبٍ" (تثنية ٣٢: ٨)؛ "وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ، ۲۷لِكَيْ يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ" (أعمال ١٧: ٢٦-٢٧). الرَّبّ بلبل لغاتنا لكي يجبرنا على التوزع على الأرض، لكن منذ الدهر والعالم يحاول أن يتوحَّدَ ويَصِلَ إلى السَّمَاء ضِدَّ الرَّبّ يسوع. 

(١١) "والوحشُ الذي كَانَ وليسَ الآن فهو ثَامِنٌ، وهُوَ مِنَ السَّبعَة، ويَمضِي إلى الهَلاك."

على المملكة السابعة سَيَتَرَأَّسُ ويَملِكُ الوَحشُ المَسِيحُ الكَذَّاب، الملك الثامن المُسَيَّرْ بقوة إبليس: "الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، ∙۱وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا" (٢ تسالونيكي ٢: ٩-١٠)؛ والذي هو موجودٌ في رُوحِ هَذِهِ المَمَالِكِ السَّبع من أول يوم من بابل إلى اليوم، إلى مملكة المَسِيح الكَذَّاب في المستقبل في الضِّيقَة العظيمة. هذا الثامن هو من السبعة وبنفس الروح والهدف. 

(١٢) "والعشرةُ القرونُ التي رأيت هي عشرة ملوك لم يأخذوا ملكًا بعد، لكنهم يأخذون سلطانهم كملوك ساعة واحدة مع الوحش."

- والعَشرَةُ القُرُون التي رأيت هي عشرة ملوك لم يأخذوا ملكًا بعد - في آخر الأَيَّام ستظهر الأَمبَراطُوريَّةُ الرُّومَانِيَّةُ المُنتَعِشَة والمُمتَدَّة جُغرَافِيًا على مدى حدود أوروبا بِشِقَّيهَا الشَّرقِيّ والغَربِي (المُتَمَثِّلَة بسَاقَي التِّمثَال)؛ وسياسيًا ستظهر بشكل عشرة إتحادات أو رؤساء أو ممالك (المُتَمَثِّلَة في أَصابِعِ الرِّجلَين العَشرَة) وسيكون إطار تسلّطها على مدى تسلط روما القديمة في أَيَّام المَسِيح على الأرض في خدمتِهِ الجسديَّة.

لذلك فالقوة العظمى الآتية على الأرض بعد الإختِطَاف ليست هي الصين ولا روسيا بل الاتحاد الأوروبي. 

- لكنَّهُم يَأخُذُونَ سُلطانَهُم كَمُلُوكٍ ساعَةً واحِدَةً مَعَ الوَحش - هذه الإتحادات أو القوى أو الدول العشر لها عشرة رؤساء يترأسون عليها، ولكنهم يَحكُمُونَ في ظِلِّ رأسٍ واحد وهو المَسِيح الكَذَّاب. هذا المَسِيح الكَذَّاب سيظهر على رأس تحالف جديد في هذه الاتحادات الأوروبية العشرة: "وَعَنِ الْقُرُونِ الْعَشَرَةِ الَّتِي بِرَأْسِهِ، وَعَنِ الآخَرِ الَّذِي طَلَعَ فَسَقَطَتْ قُدَّامَهُ ثَلاَثَةٌ" (دانيال ٧: ٢٠). هذا التحالُفُ لا نَرَاهُ اليَومَ وسوف يتطوَّرُ ويَتِمُّ فِي الضِّيقَة العظيمَةِ تَحتَ المَسِيح الكَذَّاب، مع أنَّهُ قد بَدَأ يَظهَرُ على مسرَحِ العَالَمِ اليَوم. نَرَى تَوحِيدًا أُورُوبِّيًّا شرقِيًّا غربيًّا، في إتِّحَادِ دُوَلِ الإتحاد الأوروبي الذي إنتُخِبَ عليه مُداوَرَةً رئيسٌ هو "رئيس الإتِّحاد الأوروبي"؛ وهذا هو كرسي المَسِيح الكَذَّاب. تأسَّسَ هذا المَنصِبُ في ١٩ تشرين الثاني سنة ٢٠٠٩ وكان أوَّلُ رَئِيسٍ لَهُ، هيرمن فان رُومبويّ وزير الاقتصاد البلجيكي السابق. من عَجِيبِ الصُّدَف أن يكونَ هذا الشخص إنسانًا يؤمن بزيادة الضرائب؛ كما يصف دانيال المَسِيح الكَذَّاب أنّه يُحِبُّ تَجمِيعَ ضَرَائِب: "فَيَقُومُ مَكَانَهُ مَنْ يُعَبِّرُ جَابِيَ الْجِزْيَةِ فِي فَخْرِ الْمَمْلَكَة" (دانيال ١١: ٢٠)؛ "وَأَحُلُّ حَوْلَ بَيْتِي بِسَبَبِ الْجَيْشِ الذَّاهِبِ وَالآئِبِ، فَلاَ يَعْبُرُ عَلَيْهِمْ بَعْدُ جَابِي الْجِزْيَةِ" (زكريا ٩: ٨). كلُّ هذا بَدَأَ يَظهَرُ على مَسرَحِ العَالَمِ اليَوم! نَحنُ عَلى أَبوابِ نِهَايَةِ هذا العالم الرَّافِضِ لِلرَّبِّ يَسُوع؛ ولكن سيَرجِعُ مَلِكُ المُلُوك قَرِيبًا جِدًا ليقتُلَ الأَشرَارَ ومَمَالِكَهُم، ويُؤسِّسَ مَملكتَهُ التي ستدوم إلى أَبَد الآبِدِين. 

(١٣) "هَؤُلاء لهُم رَأيٌ وَاحِدٌ، ويُعطُونَ الوَحشَ قُدرَتَهُم وسُلطانَهُم." 

كلُّ زُعمَاءِ ورُؤَسَاءِ الإتِّحاد الأوروبي سيَحكُمُونَ بأُمرَةِ المَسِيح الكَذَّاب وفي ظِلِّ قِيادَتِه. 

(١٤) "هؤلاء سيُحَارِبُونَ الخَرُوف، والخَروفٌ يَغلبُهُم، لأنَّهُ رَبُّ الأربابِ ومَلِكُ المُلوك، والذِينَ مَعَهُ مَدعوُّونَ ومُختَارُونَ ومُؤمِنُون." 

كُلُّ هَؤُلاءِ الرُّؤَساء والمَسِيح الكَذَّاب في رأسهم سوف يُسَيِّرُهُم الشيطانُ ولَهُم رأيٌ واحد ويُعطونَ سلطانَهُم للشيطان المُتَحَكِّم بهم. مهمة إبليس هي محاربة المَسِيح يسوع مخلصنا. لذلك العالم كلّه سيحارب يسوع المَسِيح إبن الله القدّوس لأنَّه هو الذي يُبَكِّتُ العالَمَ على خطاياهم. ممالك العالم سوف تحارب الخروف ولكنه سيغلبهم لأنه ملك الملوك ورب الأرباب! 

(١٥) "ثم قال لي: المياه التي رأيت حيث الزانية جالسة، هي شعوب وجموع وأمم وألسنة." 

بعد شرح هوية السبعة روؤس والعشرة قرون ينتقل الملاك ليشرح هوية المرأة الزانية، التي هي روما الڤاتيكان كما نفهم من الأعداد (١-٦، ١٨). يشرح هذا العدد إطار نطاق تأثيرها على دول العالم كله، على عقول الرؤساء وعلى عقول الشعوب. 

(١٦) "وأمّا العشرة القرون التي رأيت على الوحش فهؤلاء سيبغضون الزانية، وسيجعلونها خربة وعريانة، ويأكلون لحمها ويحرقونها بالنار."

مثلما قلنا سابقًا إنَّ سطوة كنيسة روما ستقوى كثيرًا مرة ثانية بعد إختطاف كنيسة المَسِيح الحقيقيّة. لكن هذه السيطرة لن تدومَ كثيرًا هذه المرة. ما إن يُسيطِر المَسِيح الكَذَّاب، ممثل وخليفة إبليس على الأرض، على الوضع العالمي حتى يتخلَّصَ من سطوة وصلاحيات النبي الكَذَّاب. القوى العشر للمسيح الكَذَّاب سوف تنقلب على النبي الكَذَّاب - بابا روما والڤاتيكان، بابل الدينية اُمّ الزنى الرُّوحِيّ وعدُوَّة الرَّبّ يسوع الحبيب.

لا يُخبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ لماذا يَنقَلِبُ المَسِيحُ الكَذَّابُ على النبي الكَذَّاب، لكنه لسبب ما سيُبغِضُ الزَّانِيَةَ ويُدَمِّرُها ويُعرِّيها مِن زِينَتِها (عدد ٤) وقوَّتِها، وسيُجَرِّدُها من صلاحيَّاتِها ويجعل مصيرها مثل مصير إيزابل: "تَأْكُلُ الْكِلاَبُ لَحْمَ إِيزَابَلَ. ۳۷وَتَكُونُ جُثَّةُ إِيزَابَلَ كَدِمْنَةٍ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ فِي قِسْمِ يَزْرَعِيلَ حَتَّى لاَ يَقُولُوا: هذِهِ إِيزَابَلُ" (٢ ملوك ٩: ٣٦-٣٧). إحتراقها بالنار يَدُلُّ على دينونة عادلة لأنَّها أحرقت بالنار عبيد الرَّبّ يسوع المَسِيحيين الحقيقيين على مدى القرنين الثاني والثالث ميلاديًا وعلى مدى ستة قرون في العصور الوسطى، العصور المظلمة، عصور الظلمة "الروحية" الكاثوليكية بسبب طغيان روما الڤاتيكان على العالم آنذاك. نرى هنا فناءً شاملاً كاملاً وأَبَديًّا لكلّ ظلم روما - بابل الدينيّة.

يَلِيقُ بِنا هُنا أن نَستَشهِدَ بِنُبُؤةِ إرمياء المناسبة جدًا هنا: "وَأَنْتِ أَيَّتُهَا الْخَرِبَةُ، مَاذَا تَعْمَلِينَ؟ إِذَا لَبِسْتِ قِرْمِزًا، إِذَا تَزَيَّنْتِ بِزِينَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، إِذَا كَحَّلْتِ بِالأُثْمُدِ عَيْنَيْكِ، فَبَاطِلاً تُحَسِّنِينَ ذَاتَكِ، فَقَدْ رَذَلَكِ الْعَاشِقُونَ. يَطْلُبُونَ نَفْسَكِ" (إرمياء ٤: ٣٠).

ملاحظة مهمة هي أنَّ النبي الكَذَّاب يُجرَّد من صلاحياته وسطوته ولكنه يبقى أداة في يد المَسِيح الكَذَّاب إلى يوم قضاء الرَّبّ يسوع عليهما كِلَيهِما معًا: "فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَالنَّبِيِّ الكَذَّاب مَعَهُ، الصَّانِعِ قُدَّامَهُ الآيَاتِ الَّتِي بِهَا أَضَلَّ الَّذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ سَجَدُوا لِصُورَتِهِ. وَطُرِحَ الاثْنَانِ حَيَّيْنِ إلى بُحَيْرَةِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ بِالْكِبْرِيتِ" (رُؤيا ١٩: ٢٠). 

(١٧) "لأنَّ اللهَ وَضَعَ في قُلُوبِهِم أنْ يَصنَعُوا رَأيَهُ، وأن يَصنَعُوا رأيًا واحدًا، ويُعطُوا الوَحشَ مُلكَهُم حتَّى تُكمَلَ أَقوَالُ الله."

الله هو السلطان في الكون وفي مملكة الناس، أكانوا أخيارًا أم أشرارًا. الرَّبّ يسوع هو الذي يُسيِّر الأمور في كلّ أحداث سفر الرُّؤيَا بدءًا من البُروز الأَوَّل للمسيح الكَذَّاب في أول الضِّيقَة العظيمة: "فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إكليلاً، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رُؤيا ٦: ٢)، مُرُورًا بإعطائه سلطان الاثنين وأربَعين شهرًا: "وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأربَعينَ شَهْرًا" (رُؤيا ١٣: ٥)، وإنتهاءً بدماره في بحيرة الكبريت والنار: "فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَالنَّبِيِّ الكَذَّاب مَعَهُ، الصَّانِعِ قُدَّامَهُ الآيَاتِ الَّتِي بِهَا أَضَلَّ الَّذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ سَجَدُوا لِصُورَتِهِ. وَطُرِحَ الاثْنَانِ حَيَّيْنِ إلى بُحَيْرَةِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ بِالْكِبْرِيتِ" (رُؤيا ١٩: ∙٢).

هدفُ الرَّبّ يَسُوع هنا هو جلب ونشر البِرّ والعَدلِ الإلَهِيّين: "أحكامُهُ حَقٌّ وعَادِلَةٌ، اذ قد دَانَ الزَّانِيَةَ العَظِيمَة التي أفسَدَتِ الأَرضَ بزِنَاهَا وانتَقَمَ لِدَمِ عَبِيدِهِ مِن يَدِها" (رُؤيا ١٩: ٢). 

هَؤُلاء القُرُون العَشرَة التي قُلنَا أعلاه إنها ملوك أو قوى أو إتحادات أوروبية عشرة في ظل القيادة "السياسية" و"العسكرية" للمسيح الكَذَّاب، سوف يكونون خاضعين له وموافقين على رأيه في القضاء على النبي الكَذَّاب والذهاب وراء المَسِيح الكَذَّاب وحده. فيكون هذا تدبيرًا من عند الله أن يملكَ عليهِم المَسِيحُ الكَذَّاب وَحدَهُ، لكي يستطيع إبليس أن يُحْكِمْ سيطرته على العالم. هذه أَحلَكُ سَاعَةِ ظُلمَةٍ رُوحِيَّةٍ في تاريخ الجنس البشريّ قبلَ بُزُوغِ فجر الرَّبّ يسوع "كوكب الصبح المنير" (رُؤيا ٢٢: ١٦). 

(١٨) "والمرأةُ التي رَأَيتُ هي المدينة العظيمة التي لها مُلك على ملوك الأرض."

مرة أخرى هذه هي المدينة التي طالما سَيطَرَتْ على عُقُولِ رُؤساءِ العالم وتدخَّلَتْ في سياساتهم الداخلية والخارجية، هي بابوية روما، الڤاتيكان، الكاثوليكية العالمية، بابل الروحية، أُمُّ الزنى الروحي عن عبادة الرَّبّ يسوع، رَبّ المجد، يتبارك إسمه!: "۸ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ قَائِلاً: سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا!" ؛ "۹وَسَيَبْكِي وَيَنُوحُ عَلَيْهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، الَّذِينَ زَنَوْا وَتَنَعَّمُوا مَعَهَا، حِينَمَا يَنْظُرُونَ دُخَانَ حَرِيقِهَا، ∙۱وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ لأَجْلِ خَوْفِ عَذَابِهَا، قَائِلِينَ: وَيْلٌ! وَيْلٌ! الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ بَابِلُ! الْمَدِينَةُ الْقَوِيَّةُ! لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ جَاءَتْ دَيْنُونَتُكِ" ، "۱٦وَيَقُولُونَ: وَيْلٌ! وَيْلٌ! الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ الْمُتَسَرْبِلَةُ بِبَزّ وَأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَالْمُتَحَلِّيَةُ بِذَهَبٍ وَحَجَرٍ كَرِيمٍ وَلُؤْلُؤٍ!" ، ∙۲إفْرَحِي لَهَا أَيَّتُهَا السَّمَاءُ وَالرُّسُلُ الْقِدِّيسُونَ وَالأَنْبِيَاءُ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَانَهَا دَيْنُونَتَكُمْ. ۲۱وَرَفَعَ مَلاَكٌ وَاحِدٌ قَوِيٌّ حَجَرًا كَرَحىً عَظِيمَةٍ، وَرَمَاهُ فِي الْبَحْرِ قَائِلاً: هكَذَا بِدَفْعٍ سَتُرْمَى بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، وَلَنْ تُوجَدَ فِي مَا بَعْدُ. ۲۲وَصَوْتُ الضَّارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ وَالْمُغَنِّينَ وَالْمُزَمِّرِينَ وَالنَّافِخِينَ بِالْبُوقِ، لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَكُلُّ صَانِعٍ صِنَاعَةً لَنْ يُوجَدَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَصَوْتُ رَحىً لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. ۲۳وَنُورُ سِرَاجٍ لَنْ يُضِيءَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَصَوْتُ عَرِيسٍ وَعَرُوسٍ لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. لأَنَّ تُجَّارَكِ كَانُوا عُظَمَاءَ الأَرْضِ. إِذْ بِسِحْرِكِ ضَلَّتْ جَمِيعُ الأُمَمِ. ۲٤وَفِيهَا وُجِدَ دَمُ أَنْبِيَاءَ وَقِدِّيسِينَ، وَجَمِيعِ مَنْ قُتِلَ عَلَى الأَرْضِ." (رُؤيا ١٤: ٨ ؛ ١٨: ۹، ١٦، ٢٠-٢۱،  ۲۳-٢٤).

هذه هي بابل الروحيّة التي تبتدئ لعنتُها تَنتَشِرُ مِن بابل شنعار وعلى وجه كلّ الأرض: "وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ إمرأَة جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. ۸فَقَالَ: هذِهِ هِيَ الشر. فَطَرَحَهَا إلى وَسَطِ الإِيفَةِ، وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا. ۹وَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا بِامْرَأَتَيْنِ خَرَجَتَا وَالرِّيحُ فِي أَجْنِحَتِهِمَا، وَلَهُمَا أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ اللَّقْلَقِ، فَرَفَعَتَا الإِيفَةَ بَيْنَ الأرض وَالسَّمَاء. ∙۱فَقُلْتُ لِلْمَلاَكِ الَّذِي كَلَّمَنِي: إلى أَيْنَ هُمَا ذَاهِبَتَانِ بِالإِيفَةِ؟ ۱۱فَقَالَ لِي: لِتَبْنِيَا لَهَا بَيْتًا فِي أرض شِنْعَارَ. وَإِذَا تَهَيَّأَ تَقِرُّ هُناكَ عَلَى قَاعِدَتِهَا" (زكريا ٥: ٧-۱١). 

بابل مدينة الإنسان هذه، ابتدأت تظهر في سفر التكوين: "وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ الَّذِي ابْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي الأرض، ۹الَّذِي كَانَ جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبّ. لِذلِكَ يُقَالُ: كَنِمْرُودَ جَبَّارُ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبّ. ∙۱وَكَانَ ابْتِدَاءُ مَمْلَكَتِهِ بَابِلَ وَأَرَكَ وَأَكَّدَ وَكَلْنَةَ، فِي أرض شِنْعَارَ" ؛ "٦وَقَالَ الرَّبّ: هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآن لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. ۷هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُناكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ. ۸فَبَدَّدَهُمُ الرَّبّ مِنْ هُناكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأرض، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ، ۹لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا بَابِلَ لأَنَّ الرَّبّ هُناكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأرض. وَمِنْ هُناكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأرض" (تكوين ∙١: ٨-∙١ ؛ ١١: ٦-٩). ينتهي في هذا الأصحاح وصفُ فَنَاءِ بابل الدينية، وتَحُلُّ مَحَلَّهَا مَدِينَةُ اللهِ أورشليم النازلة من السَّمَاء التي هي موطن الأَبرَار الأَبَدي.

إليك مقارنة بين مدينة الإنسان ومدينة الله:

           (i) مدينة الإنسان: بابل القديمة
              مدينة الله: أورشليم الجديدة

          (ii) مدينة الإنسان: مدينة عظيمة (رُؤيا ١٧: ١)
              مدينة الله: مدينة عظيمة (رُؤيا ٢١: ∙١)

          (iii) مدينة الإنسان: بانيها الإنسان (تكوين ∙١: ∙١؛ ١١: ٤)
              مدينة الله: بانيها الله (رُؤيا ٢١: ٢، ∙١)

          (iv) مدينة الإنسان: مسكنها في البرية (رُؤيا ١٧: ٣)
              مدينة الله: واقعة على جبلٍ عالٍ (رُؤيا ٢١: ∙١)

           (v) مدينة الإنسان: يشير إليها ملاك (رُؤيا ١٧: ١)
              مدينة الله: يشير إليها ملاك (رُؤيا ٢١: ٩)

           (vi) مدينة الإنسان: نجسة (رُؤيا ١٧: ٤)
              مدينة الله: مقدسة (رُؤيا ٢١: ٢)

          (vii) مدينة الإنسان: زانية (حزقيال ١٦:٣٥)
              مدينة الله: عذراء عفيفة (رُؤيا ٢١: ٢، ٩)

          (viii) مدينة الإنسان: متحلية بحجارة كريمة (رُؤيا ١٧: ٤)
                مدينة الله: متحلية بحجارة كريمة (رُؤيا ٢١:١٩)

          (ix) مدينة الإنسان: متحلية باللؤلؤ (رُؤيا ١٧: ٤)
              مدينة الله: متحلية باللؤلؤ (رُؤيا ٢١: ٢١)

          (x) مدينة الإنسان: لباسها ارجوان وقرمز (رُؤيا ١٨: ١٦)
              مدينة الله: متسربله بالنور (رُؤيا ٢١: ٢٣-٢٤)

          (xi) مدينة الإنسان: فيها دم القديسين (رُؤيا ١٨:٢٤)
              مدينة الله: فيها قديسون (رُؤيا ٢١: ٢٤، ٢٧)

          (xii) مدينة الإنسان: فيها شياطين (رُؤيا ١٨: ٢)
              مدينة الله: فيها مفديون (رُؤيا ٢١: ٢٤)

          (xiii) مدينة الإنسان: أساساتها أسماء تجديف (رُؤيا ١٧: ٣)
                مدينة الله: أساساتها أسماء الرسل (رُؤيا ٢١:١٤)

          (xiv) مدينة الإنسان: كلها نجاسات (رُؤيا ١٧: ٤)
                مدينة الله: لا يدخلها شيء دنس (رُؤيا ٢١: ٢٧)

          (xv) مدينة الإنسان: تزني مع ملوك الارض (رُؤيا ١٨: ٣)
                مدينة الله: مجيدة بِرّها ملك الملوك (رُؤيا ٢١: ۲۳)

          (xvi) مدينة الإنسان: مهجورة إلى الأَبَد (رُؤيا ١٨: ٢١)
                مدينة الله: مأهولة قائمة إلى الأَبَد (رُؤيا ٢٢: ٥)

  • عدد الزيارات: 201