Skip to main content

مقدمة

الموضوع: دستور حياة القداسة

الكاتب: مُوسَى

التاريخ: من 1650 – 1610 ق.م.

 

يَبدَأ سِفرُ التَّثنِيَة بسرد ثمانٍ وثلاثين سنة من تَاريخِ إسرَائِيل مِن جبل حوريب في صحراء سيناء الى عربات مؤاب مقابل نهر الاردن∙ ثَمَّ يَتَوسَّعُ يَتَوسَّعُ لِيُثني عَلى القوَانِين الأهَمّ فِي الأسفَارِ الأربَعَةِ السَّابِقة، وبِخاصة سفر اللاويين∙ يستعرض السفر المتطلبات الأساسية للشعب في التكرس للرب الإله في طَّاعَة تامة∙ يَختَتَمُ السفر بِسِلسِلَةِ نُبُؤَاتٍ تَعرض مستقبل تارِيخَ إسرَائِيل إلى الدّرَامَا النِّهَائِيَّة فِي خُطَّةِ اللهِ عَبرَ العُصُور، حتى نهاية الحكم الالفي.

مُنذُ أقدَمِ الأيَّام ودَارِسُو الكِتَابِ المُقَدَّس مُقتَنِعِين بأنَّ مُوسَى هُوَ كَاتِبُ سفر التَّثنِيَة وأسفَار النَّامُوس الأربَعَة الأُولّْ. شَهَادَةُ الِكتابِ المُقدَّس نَفسَهُ هِي مُتمَاسِكَةٌ بِشَكلٍ عَجِيبٍ فِي تأكيد هذا (1 مل 3:2؛ 53:8∙ 2 مل 5:14-6؛ 12،6:18). العِبرَانِيُّون فِي العُصُور السَّابِقة، بِمَن فِيهِم المُؤرِّخ اليَهُودِيّ يُوسِيفُوس الذي عَاشَ في القَرنِ الأوَّل بعدَ الميلاد، كانوا جَميعًا أصحَابَ هذا المَوقِف، بأنَّ مُوسَى هُو كَاتِب الناموس. فقط سِفرُ التَّثنِيَة مِن أسفَارِ النَّامُوس الخمسة يَدَّعِي مُبَاشَرَةً بِأنَّ كاتِبَهُ هُوَ مُوسَى (24:31)؛ ومَع هَذا فَإنَّ النُّقَّادَ كَانُوا أقسَى فِي هُجُومِهِم عَلى هَذا السِّفر مِن أيٍّ مِنَ الأسفَار الأربَعَة الأخرَى. ولَكِنَّ الحُجَّةَ قَوِيَّةٌ جِدًّا لصالِحِ مُوسَى. إنَّ سِفرَ التثنِيَة مُستَشهَدٌ بِهِ أكثر مِن 80 مَرَّةً فِي العَهدِ الجَدِيد، ويَسُوعُ نَفسُه يَستَشهِدُ بِه أكثَر مِن أيِّ سِفرٍ آخَر مِن أسفَارِ العَهدِ القدِيم، وحتى يشهد بأن مُوسَى كاتِبُهُ (مت 7:19-8∙ يو 46:5-47). يَنسُبُ كُتَّابُ العَهدِ الجَدِيد سفر التثنِيَة إلَى مُوسَى، فِي ثلاثَةِ أسفَار (مت 7:19-8∙ مر 3:10-4∙ أع 22:3؛ 37:7). استَشهَدَ الرب يَسُوعُ المَسيح بهذا السِّفر: (أ) لِيَدحَضَ الشَّيطَان (مت 1:4-11) وَ(ب) لِيُعطِيَ خُلاصَةَ النَّامُوس كله (مت 37:22). من بَين أسفَار العهد الجديد الـ27، 17 مِنها يستشهِدُ بسفر التَّثنِيَة. بَعضُ المَقاطِع القَوِيَّة فيه هِيَ: (أ) إعَادَةٌ لسرد الوَصَايَا العَشر المَذكُورَة في (خر 1:20-17) والان فِي ((تث 6:4-9؛ 6:5-21)، (ب) تنبيه ضد الأنبِيَاءِ الكَذَبَة (تث 1:13-5)، و(ت) السَّحَرَة والعَرَّافِينَ الكَذَبَة (تث 9:18-15) ، ثم (ث) إعطاء المِيثاقُ الفِلَسطِينِيّ (تث 1:29 - 20:30).

الفترَةُ الزَّمَنِيَّةُ التِي يُغَطِّيهَا هَذَا الكِتَابُ مَدَاهَا ثلاثة أشهُرٍ عَلى الأكثر.هُنا يتَسارَعُ تَوَالِي الأحدَاث: مُوسَى يَقُولُ كَلِمَتَهُ الأخِيرَة ووَدَاعَهُ الأخِير؛ الاستِمَاعُ إلى خُطَابِهِ وهم واقِفِين وَجِبَالُ مُوآب مِن خَلفِهِم، ومِن أمَامِهِم قائِدَهُم مُوسَى الذي لَن يَدخُلَ أرضَ الموعِد مَعَهُم∙ لا بُدَّ أنَّ هذا المَوقِفَ جَعَلَ الإسرائيليين يَشعُرُونَ بذُروَةِ شَفقتِهِم عَلى أنفُسِهِم واضطِّرَابِهِم بِسَبَبِ ما سَيَأتِي عَليهِم.

كانتِ الحَربُ بانتِظَارِهِم، وإمتِحَانَات روحية، ونَمَط حَيَاة مستقرَّة جَدِيدةَ أمامهم؛ وهَذا السِّفرُ هُوَ بِمَثابَةِ خُطَابَات مُوسَى النِّهائِيَّة والتحضيرية لهم. البَارِزُ فِي هَذا السِّفرِ هُوَ عَقِيدَتَا بِرّ الله وطَاعَة الإنسَان؛ ويُمكِنُ اعتِبَارُ سفر التثنية دُستُورَ ثِيُوقرَاطِيَّة الله (من اليونانية "ثِيوُ"، أي حُكمَ الله) على إسرَائِيل لدى سكنها فِي الأرض. يُفوق هَذا الدُّستُور كل دساتير العالم، وكل دساتير العالم المتحضر اليوم هي مُستَمدَّة منه∙

مَادَّةُ سِفرِ التَّثنِيَة لَيسَت تَكرَارًا بَل تَكمِيلاً لسفر الاويين. يَسُودُ التَّعلِيقُ والتَّطبِيقُ والحَثُّ في هذا السِّفر أكثَر مِن الأسفَارِ السَّابِقَة. كُلُّ سِفرٍ فِي النَّامُوس لَهُ صِفَتُهُ المُمَيَّزَة به، أما سِفرُ التثنية، فالأصحَاحَاتُ 1-11، يختصرون تقريباً كل من الاسفار الثلاثة السابقة، خروج ولاويين وعدد، وليس سِفرَ التَّكوِين.

 

يُمكِنُ تَقسِيمُ سِفرِ التَّثنِيَة إلَى الأجزَاء التَّالِيَة:
I- إعَادَةُ سَردِ تَارِيخِ إسرَائِيل بَعدَ الخُرُوج، مع إستخلاص العِبَرّ: 1-4
II- شَرحُ نَامُوس سِينَاء، مَعَ التَّحذِير وَالحَثّ: 5-26
III- البَرَكَاتُ واللَّعنَاتُ عَلَى الطَّاعَةِ وعَلَى عَدَمِها: 27-28
IV- تَحذِيرَاتُ وبَرَكَاتُ المِيثَاقُ الفِلسطِينِيّ المَوعُود: 29-30
V- كَلِمَاتُ وأفعَالُ مُوسَى الأخِيرَة، ثم وفاته: 31-34

  • عدد الزيارات: 1710