Skip to main content

الأَصحَاحُ العَاشِر

السِّفرُ الصَّغيرُ المَفتُوح

(١) "ثم رأيتُ مَلاكًا آخَرَ قَوِيًّا نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ مُتَسَربِلاً بِسَحَابَةٍ وعَلَى رَأسِهِ قَوسُ قُزَحٍ وَوَجهُهُ كَالشَّمسِ ورِجلاهُ كَعَمُودَي نَارٍ." 

كما كنا قد رأينا فجوة بين الختم السادس والسابع التي كانت عبارة عن إستراحة إنتقل فيها المشهد من الأرض إلى السَّمَاء (رُؤيا ٦: ١٢- ٧: ١٧)؛ هكذا نرى الآن فجوة أو استراحة أخرى التي هي أيضًا عبارة عن انتقال إلى مشهد آخر في السَّمَاء بين البوقين السادس والسابع المذكورين في (رُؤيا ٩: ١٣-١١: ١٥).

في هذه الفجوات أي الاستراحات من عناء غضب الأرض، ينتقل المشهد عمدًا إلى السَّمَاء ليرينا أنه بينما الويلات تنهمر على مملكة المَسِيح الكَذَّاب المظلمة على الأرض؛ فإنَّ الاستعدادات تجري على قدم وساق في السَّمَاء للتحضير لنور مملكة الرَّبّ يسوع المَسِيح على الأرض وانتشار سلام ملكوته.

ما أجمل رؤية الترتيب الإلَهِيّ والتناسق بين نبؤات السَّمَاء ونبؤات الأرض في سياق اختتام برنامج الله لفداء الإنسان والخلاص من إبليس وتأثيره.

نرى الآن ملاكًا قويًّا جدًا ومباركًا وبهيًا ينزل من السَّمَاء وهو متسربل بسحابة. السحابة تُشير إلى لغز أو تستير لهويّته ومعرفة ما سيفعله. قوس القزح كما رأينا في مشهد العرش: "وَكَانَ الْجَالِسُ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهَ حَجَرِ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ، وَقَوْسُ قُزَحَ حَوْلَ الْعَرْشِ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهُ الزُّمُرُّدِ" (رُؤيا ٤: ٣)، يشير إلى السلام والبهجة. في وصف وجه الملاك كالشمس والرجلان كعمودي نار نرى أنَّ إله هذا الملاك، الرَّبّ يسوع (ع ٦)، هو الآمر والمُرسِلُ لهذا الملاك. الرَّبّ يسوع هو الذي يجلب شمس البر والفرح في السَّمَاء، والدينونة التي تطأ الأرض. 

(٢) "ومعه في يده سفر صغير مفتوح فوضع رجله اليمنى على البحر واليسرى على الأرض." 

- ومعه في يده سفر صغير مفتوح - لا يمكننا أن نتنبأ ما هو هذا السفر، إلا أنَّ فيه نبؤات مستقبليّة قريبة كما نستشف من العددين التابعين الثالث والرابع. كما ان  صغر حجم السفر قد يدل ان لا نبؤات كبيرة او كثيرة  فيه. 

- فوضع رجله اليمنى على البحر واليسرى على الأرض - يجدر بنا أن نقول إنَّ يوحنا هنا يتعجَّبُ من عظمة هذا الملاك كيف أنّه وضع رجله اليمنى على البحر واليسرى على الأرض كمارد جبَّار. 

(٣) "وصرخ بصوت عظيم كما يزمجر الأسد. وبعدما صرخ تكلّمت الرعود السبعة بأصواتها."

صرخ هذا الملاك الجبار فاُعلِنَتّ ضربة من سبعة رعود وكلامهم هو مُرسل من قِبل الرَّبّ يسوع. 

(٤) "وبعدما تكلمت الرعود بأصواتها كنت مزمعًا أن أكتب فسمعت صوتًا من السَّمَاء قائلاً لي اختم على ما تكلمت به الرعود السبعة ولا تكتبه." 

شاء الرَّبّ أن يختم الكلام ويُخفيه عن يوحنا إلى وقت قصير فقط كما يشرح في العدد السابع: "بَلْ فِي أَيَّام صَوْتِ الْمَلاَكِ السَّابعِ مَتَى أَزْمَعَ أَنْ يُبَوِّقَ، يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الآنبِيَاءَ" (رُؤيا ∙١: ٧). مع أنّنا لا نعلم اليوم ماذا تكلمت به الرعود السبعة لكننا سنعرف ذلك عندما نصعد عند الرَّبّ يسوع ونصبح معه. لكننا نعلم ان "صوتًا من السَّمَاء" كلم يوحنا الذي قد يكون صوت الرَّبّ يسوع نفسه كما هو الحال في: "كُنْتُ فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبّ، وَسَمِعْتُ وَرَائِي صَوْتًا عَظِيمًا كَصَوْتِ بُوقٍ ۱۱قَائِلاً: أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّل وَالآخِرُ" (رُؤيا ١: ∙١-١١). 

(٥) "والملاكُ الذي رأيته واقفًا على البحر وعلى الأرض رفع يده إلى السَّمَاء." 

رفعُ اليد إلى السَّمَاء يشير إلى جَدِّيَّةِ وصَرَامَةِ ما سيُقَالُ كما فعل: 

     (i) إبراهيم: "فَقَالَ أَبْرَامُ لِمَلِكِ سَدُومَ: رَفَعْتُ يَدِي إلى الرَّبّ الإِلهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاء وَالأرض، ۲۳لا آخُذَنَّ لاَ خَيْطًا وَلاَ شِرَاكَ نَعْل وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ، فَلاَ تَقُولُ: أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ" (تكوين ١٤: ٢٢-٢٣)؛ 

    (ii) الرَّبّ يسوع عندما قال لموسى: "أُدْخِلُكُمْ إلى الأرض الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي أَنْ أُعْطِيَهَا لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَأُعْطِيَكُمْ إِيَّاهَا مِيرَاثًا. أَنَا الرَّبّ" (خروج ٦: ٨)؛ 

   (iii) أيضًا الطبيعة في تمجيد يسوع الخالق: "أَبْصَرَتْكَ فَفَزِعَتِ الْجِبَالُ. سَيْلُ الْمِيَاهِ طَمَا. أَعْطَتِ اللُّجَّةُ صَوْتَهَا. رَفَعَتْ يَدَيْهَا إلى الْعَلاَءِ" (حبقوق ٣: ∙١). 

(٦) "وأَقسَمَ بالحَيِّ إلى أَبَد الآبِدِين الذي خلق السَّمَاء وما فيها والأرض وما فيها والبحر وما فيه أن لا يكون زمان بعد."

نأتي إلى مبدأ القسَم أو الحلف فننظر إليه من جوانبه المختلفة: 

    (i) مارسه الرَّبّ يسوع: "بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ" (تكوين ٢٢: ١٦)؛ "بِذَاتِي أَقْسَمْتُ، خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ كَلِمَةٌ لاَ تَرْجعُ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ" (إشعياء ٤٥: ٢٣). 

   (ii) أَوصَى به الرَّبّ يسوع: "لاَ تَحْلِفُوا بِاسْمِي لِلْكَذِبِ، فَتُدَنِّسَ اسْمَ إِلهِكَ. أَنَا الرَّبّ" (لاويين ١٩: ١٢)؛ "الرَّبّ إِلهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ، وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ"؛ "الرَّبّ إِلهَكَ تَتَّقِي. إِيَّاهُ تَعْبُدُ، وَبِهِ تَلْتَصِقُ، وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ. ۲۱هُوَ فَخْرُكَ، وَهُوَ إِلهُكَ" (تثنية ٦: ١٣؛ ∙١: ∙٢-٢١). 

   (iii) نهَّاهُ الرَّبّ يسوع: "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ... ۳۷بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشريرِ" (متّى ٥: ٣٤ - ٣٧)؛ "لاَ تَحْلِفُوا، لاَ بِالسَّمَاء، وَلاَ بِالأرض، وَلاَ بِقَسَمٍ آخَرَ. بَلْ لِتَكُنْ نَعَمْكُمْ نَعَمْ، وَلاَكُمْ لاَ، لِئَلاَّ تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ" (يعقوب ٥: ١٢). 

   (iv) مَارَسَهُ المُؤمِنُون: 

          (أ) إبراهيم: "فَقَالَ أَبْرَامُ لِمَلِكِ سَدُومَ: رَفَعْتُ يَدِي إلى الرَّبّ الإِلهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاء وَالأرض" (تكوين ١٤: ٢٢). 

        (ب) داود: "فَحَلَفَ الْمَلِكُ وَقَالَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبّ الَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقَةٍ، ∙۳إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ بِالرَّبّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي عِوَضًا عَنِّي، كَذلِكَ أَفْعَلُ هذَا الْيَوْمَ" (١ ملوك ١: ٢٩-∙٣). 

        (ت) بولس: "أَقُولُ الصِّدْقَ فِي المَسِيح، لاَ أَكْذِبُ، وَضَمِيرِي شَاهِدٌ لِي بِالرُّوحِ الْقُدُسِ" (رومية ٩: ١). 

   (v) ألله وضع ختم الموافقة على إستخدامه بين الناس: "فَإِنَّ النَّاسَ يُقْسِمُونَ بِالأَعْظَمِ، وَنِهَايَةُ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ عِنْدَهُمْ لأَجْلِ التَّثْبِيتِ هِيَ الْقَسَمُ. ۱۷فَلِذلِكَ إِذْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُظْهِرَ أَكْثَرَ كَثِيرًا لِوَرَثَةِ الْمَوْعِدِ عَدَمَ تَغَيُّرِ قَضَائِهِ، تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ" (عبرانيين ٦: ١٦-١٧).

بما أنَّ كلّ الكِتَاب هو موحى به من الله وأنّ كلمة الله هي حية اليوم، لذلك لكي نبني عقيدة أو تعليم عن أية موضوع في الكِتَاب المُقَدَّس، فإننا نجمع كلّ الأعداد التي تعالج هذا الموضوع مع بعضها البعض ونصل إلى النتيجة السليمة. في هذه الحال نفهم عن موضوع القسم أو الحلفان أنه لا يَحِلُّ أن نستخدِمَ الحلفَ مثل الممسحة مع كلّ جملة وكلّ قول في حياتنا اليومية وأن لا نستهتر به. بل عندما يكون الأمر جديًّا وثابتًا نستخدم الحلف لتثبيت القسم. أيضًا عندما يقسم الإنسان فإنه مسؤول والشيطان سيحاول أن يكسره ليدنس إسم الرَّبّ؛ وفي هذا تجربة وفخ وخطر من الشيطان. إقرأ الأعداد أعلاه مَرَّةً ثانية. أن لا تحلف أفضل من أن تحلفَ وتكسر! نستوحي هذه النصيحة من سليمان الحكيم الذي قال: "إِذَا نَذَرْتَ نَذْرًا ِللهِ فَلاَ تَتَأَخَّرْ عَنِ الْوَفَاءِ بِهِ، لأَنَّهُ لاَ يُسَرُّ بِالْجُهَّالِ. فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَهُ. ٥أَنْ لاَ تَنْذُرُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنْذُرَ وَلاَ تَفِيَ. ٦لاَ تَدَعْ فَمَكَ يَجْعَلُ جَسَدَكَ يُخْطِئُ، وَلاَ تَقُلْ قُدَّامَ الْمَلاَكِ: إِنَّهُ سَهْوٌ. لِمَاذَا يَغْضَبُ اللهُ عَلَى قَوْلِكَ، وَيُفْسِدُ عَمَلَ يَدَيْكَ؟" (جامعة ٥: ٤-٦). 

أقسم هذا الملاك بالرَّبّ يسوع، أي أنَّ سلطته هي من عند الرَّبّ يسوع المَسِيح إبن الله الحي المُتَرَبِّع على يمين العظمة في السَّمَاء. يسوع الذي: "بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي" (عبرانيين ١: ٣). أقسم هذا الملاك بالرَّبّ يسوع أنَّ زمن الحُكم البشري قد انتهى؛ وقد جاء زمن بدء ملكوت المَسِيح. 

(٧) "بل في أَيَّام صوت الملاك السابع متى أزمع أن يبوق يتم أيضًا سر الله كما بشر عبيده الأنبياء." 

- بل في أَيَّام صوت الملاك السابع متى أزمع أن يبوق - عندما سيبوق البوق السابع، الذي يأتي دوره بعد البوقين الخامس والسادس، سينتهي العالم. ها هو العالم يشارف على النهاية لذلك الآن سينزل على العالم غضب أقوى وأكثر رُعبًا. 

- يَتِمُّ أيضًا سِرُّ الله كما بشَّرَ عَبيدَهُ الأنبياء - في وسط الغضب نرى سبعة رعود تتكلم، ولكن الرَّبّ دائمًا يعزي كما في هذا العدد فيقول إن لا شيءَ مُخفَى عن عبيده؛ أي انه كان قد سبق فأخبر المؤمنين بما سيفعل. نتذكر حادثة سدوم وعمورة عندما قال الرَّبّ: "هل أُخفِي عَن عَبدِي إبراهيم ما أنا فاعل". إن هذا إمتياز لكلّ مُؤمِن عبد أمين للرب يسوع كما تقول كلمة الرَّبّ: "إِنَّ السَّيِّدَ الرَّبّ لاَ يَصْنَعُ أَمْرًا إِلاَّ وَهُوَ يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ الآنبِيَاءِ" (عاموس ۳: ۷). نرى كيف أنَّ الرَّبّ دائمًا يعطي أولاده إعلانات ومعرفة وفهمًا للأمور المَخفية روحيًا؛ والمؤمن دائمًا لا يجد صعوبة مثل الشخص العادي في قراءة وفهم كلمة الحياة أي الكِتَاب المُقَدَّس؛ وبالذات سفر الرُّؤيَا الذي بيدنا.

بالنسبة إلى غير المؤمنين نبؤات الكِتَاب المُقَدَّس هي لغز لا يُفهم ولا يُعرف. لا معرفة عندهم بالنسبة لأمور نهاية العالم والدينونة العتيدة أن تأتي على العالم الشرير بأسره. نشكر الرَّبّ من أجل روحه القدوس الساكن فينا الذي يُنَوِّر قلوبنا وأذهاننا ويكشف ببهاء نوره على صفحات الكِتَاب، ويمنحنا القدرة على فهم سفر الرُّؤيَا بشكل جميل وخلاَّب.

سوف نرى، نحن المؤمنين، هذه الأحداث تحدث على الأرض بينما نحن موجودون في السَّمَاء في المجد في هَنَاءٍ وعِزّ وسرور وسلام الرَّبّ يسوع. كلّ هذا بفضل أن كلّ تائب فينا قبل للرب يسوع المَسِيح ربًا ومخلصًا شخصيًا لنفسه. إقبله أنت اليوم إذا كنت لم تفعل ذلك بعد، وإنتظِر أبدية سعيدة مفرحة مباركة في السماء. 

(٨) "والصوتُ الذي كنتُ قد سَمِعتُهُ مِنَ السَّمَاء كلمني أيضًا وقال اذهب خُذ السفر الصغير المفتوح في يد الملاك الواقف على البحر وعلى الأرض."

هذا هو صوت الملاك العظيم الشأن من العدد الرابع مُوَجِّهًا كلامه إلى يوحنا في أن يذهب إلى الملاك ويأخذ السفر من يد الملاك البهي في العدد الأَوَّل. لا بدَّ أنَّ يوحنا ذهب بالروح إلى الملاك لأنَّه كان يشاهد أحداث سفر الرُّؤيَا من ناحية مستقبلية. 

(٩) "فذهَبَتْ إلى المَلاك قائلاً له أَعطِنِي السِّفرَ الصَّغِير. فقال لي خُذه وكُلْه فسيجعل جوفَكَ مُرًّا ولكنه في فمك يكون حلوًا كالعسل."

يوحنا فعل مباشرة كما أُمِر. ليت كلّ مؤمن بالرَّبّ يسوع يطيع ويباشر أن يفعل وصاياه ويقرأ كلمات الكِتَاب المُقَدَّس ويمضغها لنمو حياته الروحيّة. 

(∙١) "فأخذت السفر الصغير من يد الملاك وأكلته فكان في فمي حلوًا كالعسل وبعد ما أكلته صار جوفي مرًا." 

هكذا اختبار يرد ثلاث مرات في الكِتَاب المُقَدَّس:

    (i)  "مَا أَحْلَى قَوْلَكَ لِحَنَكِي! أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ لِفَمِي. ٤∙۱مِنْ وَصَايَاكَ أَتَفَطَّنُ، لِذلِكَ أَبْغَضْتُ كُلَّ طَرِيقِ كَذِبٍ" (مزمور ۱۱۹: ۳∙۱-٤∙۱). كلمة الرَّبّ مفرحة ومنعشة وعندما نمارسها تنزل علينا اضطهادات كثيرة لأن العالم قد وُضِعَ في الشرير. 

   (ii) "وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي، لأَنِّي دُعِيتُ بِاسْمِكَ يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ. ۱۷لَمْ أَجْلِسْ فِي مَحْفَلِ الْمَازِحِينَ مُبْتَهِجًا. مِنْ أَجْلِ يَدِكَ جَلَسْتُ وَحْدِي، لأَنَّكَ قَدْ مَلأْتَنِي غَضَبًا. ۱۸لِمَاذَا كَانَ وَجَعِي دَائِمًا وَجُرْحِي عَدِيمَ الشِّفَاءِ، يَأْبَى أَنْ يُشْفَى؟ أَتَكُونُ لِي مِثْلَ كَاذِبٍ، مِثْلَ مِيَاهٍ غَيْرِ دَائِمَةٍ؟" (إرمياء ١٥: ١٦-١٨). أخذ إرمياء كلمة الله وأكلها واستمتع بها كلها وعندما قام بتنفيذها
نزل عليه اضطهاد كبير فجلس وحده.

   (iii) "۹فَنَظَرْتُ وَإِذَا بِيَدٍ مَمْدُودَةٍ إِلَيَّ، وَإِذَا بِدَرْجِ سِفْرٍ فِيهَا. ∙۱فَنَشَرَهُ أَمَامِي وَهُوَ مَكْتُوبٌ مِنْ دَاخِل وَمِنْ قَفَاهُ، وَكُتِبَ فِيهِ مَرَاثٍ وَنَحِيبٌ وَوَيْلٌ. ۱فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَم، كُلْ مَا تَجِدُهُ. كُلْ هذَا الدَّرْجَ، وَاذْهَبْ كَلِّمْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. ۲فَفَتَحْتُ فَمِي فَأَطْعَمَنِي ذلِكَ الدَّرْجَ. ۳وَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَم، أَطْعِمْ بَطْنَكَ وَامْلأْ جَوْفَكَ مِنْ هذَا الدَّرْجِ الَّذِي أَنَا مُعْطِيكَهُ. فَأَكَلْتُهُ فَصَارَ فِي فَمِي كَالْعَسَلِ حَلاَوَةً. ٤فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَم، اذْهَبِ امْضِ إلى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكَلِّمْهُمْ بِكَلاَمِي"......"۱٤فَحَمَلَنِي الرُّوحُ وَأَخَذَنِي، فَذَهَبْتُ مُرًّا فِي حَرَارَةِ رُوحِي، وَيَدُ الرَّبّ كَانَتْ شَدِيدَةً عَلَيَّ" (حزقيال ٢:  ۹ - ۳: ٤  و ١٤).

قراءة الكِتَاب المُقَدَّس قراءة مُمتِعَة ولكن تطبيقها شاق. كلام الرَّبّ يسوع فيه حلاوة وجَمَالٌ ومُتعَة؛ وفيه حرارة نمو روحي عندما نُطبِّقُهَا. هكذا هو نصيب كلّ مؤمن يريد العيش للرب بحسب كلمته التي تتحدَّانا أن نأخذ موقف بِرّ للرب يسوع. هُناكَ الكثير مِمَّن يَوَدُّونَ العَيشَ لِلرَّبِّ ولكنَّهُم مَهزُومُون. إبليس يحاربهم ويهزمهم فيصبحون بلا ثمر مع أنهم مختبرون خلاص المَسِيح؛ لكن نظرهم هو عينٌ على الرَّبّ والعين الأخرى على العالم. ماذا يقول الكِتَاب المُقَدَّس؟ "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إلى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ" (لوقا ٩: ٦٢). ضع عينيك كلتيهما على الرَّبّ يسوع فتصلح لخدمة ملكوت الله. 

(١١) "فقال لي يجب أن تتنبأ أيضًا على شعوب وأمم وألسنة وملوك كثيرين."

كلمة الرَّبّ تمنح القدرة والصلاحية على التكهن، بحسب مبادئ الكتاب المقدس، وإمّا أن نكون أداة تشجيع في وعظ ونصح وارشاد؛ وإمّا في عتاب وتوبيخ وتبكيت روحي بروح المحبة.

  • عدد الزيارات: 206